بقلم أنيتا بوردين
روما، الأربعاء 12 مايو 2010 (Zenit.org) – يعتبر بندكتس السادس عشر أن الاضطهاد الأكبر الموجه ضد الكنيسة لا يصدر عن أعداء خارجيين، بل عن الخطيئة الداخلية التي تتجلى بطريقة مرعبة. لكنه يضيف أن “جودة الله هي التي تملك دوماً الكلمة الأخيرة في التاريخ”.
كما هو معتاد في الرحلات الدولية، أجاب البابا عن أسئلة الصحافيين على متن الطائرة التي أقلعت من مطار فيوميتشينو الروماني صباح أمس عند الساعة التاسعة إلا 10 دقائق لتصل إلى مطار بورتيلا في لشبونة قرابة الثانية عشرة ظهراً بتوقيت روما.
عن رسالة فاتيما، والعلاقة مع معاناة الكنيسة – بعيداً عن محاولة اغتيال يوحنا بولس الثاني سنة 1981 – منها فضائح التحرش الجنسي بالأطفال، أجاب البابا أن الاعتداءات “لا تصدر فقط عن الخارج”.
وأشار البابا إلى أن “آلام الكنيسة نابعة من وسطها، من الخطيئة الموجودة في الكنيسة. لطالما عرفنا ذلك، إلا أننا نراه اليوم بطريقة مرعبة. إن الاضطهاد الأكبر المنظم ضد الكنيسة لا ينبع من أعداء خارجيين، بل ينشأ عن الخطيئة في الكنيسة. لذلك فإن الكنيسة بحاجة ماسة إلى إعادة تعلم التوبة، والموافقة على التطهر، وتعلم المغفرة من جهة والحاجة إلى العدالة من جهة أخرى. فالمغفرة لا تحل محل العدالة”.
أضاف: “يجب أن نتذكر أن الرب أقوى من الشر، وأن العذراء هي الضمانة الواضحة للجودة الإلهية التي لها دوماً الكلمة الأخيرة في التاريخ”.
وبشأن واقع العلمنة في المجتمع البرتغالي الذي كان كاثوليكياً بشدة منذ عهد قريب، اعترف البابا بقرون “الإيمان الشجاع والذكي والمبدع” الذي أظهره البرتغال في أماكن بعيدة مثل البرازيل.
كما لفت إلى أن “الجدلية بين الإيمان والعلمنة” ليست جديدة في البرتغال، لكنه شدد على أن كثيرين أرادوا مد “جسور” و”خلق حوار” بين المسألتين وأن هذه المهمة ما تزال عصرية.
كذلك، أوضح البابا قائلاً: “أعتقد أن مهمة ورسالة أوروبا في هذه الظروف تقضي بإيجاد هذا الحوار، ودمج الإيمان والعقلانية المعاصرة في رؤية أنثروبولوجية استثنائية تتمم الإنسان وتجعل الثقافات البشرية قابلة للنقل. إن وجود العلمنة أمر طبيعي لكن الفصل والتعارض بين العلمنة وثقافة الإيمان غير طبيعيين، لذا لا بد من تخطيهما. يقوم التحدي الكبير في زماننا على تلاقي الاثنتين بحيث تجدان هويتهما الحقيقية. إنها مهمة أوروبا، وهي ضرورة بشرية في زماننا”.
ختاماً، وفي ما يتعلق بالأزمة الاقتصادية – مع الخطر الجديد المتمثل بانتقال الأزمة اليونانية إلى البرتغال –، قال البابا بندكتس السادس عشر أن الإيمان المسيحي أهمل أحياناً في الماضي المسائل الاقتصادية، مهتماً فقط بـ “الخلاص الفردي”.
كما أوضح البابا أهمية التعليم الكنسي الاجتماعي الذي يتطلب توسيع جوانب الأخلاق والإيمان إلى ما هو أبعد من الفرد للتوصل إلى “مسؤولية العالم”، إلى “عقلانية مطابقة للأخلاق”.
ورأى البابا في اضطرابات السوق الحاصلة خلال السنتين الأخيريتن أو السنوات الثلاث الأخيرة، إثباتاً لوجود البعد الأخلاقي في الاقتصاد، وبالتالي يجب أن يدخل في الخيارات الاقتصادية. وقال ختاماً: “هكذا تؤدي أوروبا رسالتها”.
نقلته إلى العربية غرة معيط