بقلم فارس كلداني الفاتيكان، الثلاثاء 18 مايو 2010 (Zenit.org). -إن شهر أيار هو الشهر الذي خصصته الكنيسة المقدسة لإكرام والدة الإله ، حيث انتشر تكريم هذا الشهر المبارك على يد الطوباوي هنري عام 1365 ، حتى عمم البابا اينوشنسيوس الحادي عشر على العالم أجمع تخصيص هذا الشهر لتكريم مريم العذراء الأم المقدسة عام 1683.
يذكر المؤرخون تكريم هذا الشهر المبارك قد دخل شرقنا منذ منتصف القرن التاسع عشر، وأن ممارسة شهر أيار كما يعرفها العالم اليوم نشأت في ايطالية عام 1784 علي يد الكاهن لويس ريشولي ، ومن ثم انتشر ممارسة الشهر الذي سمي بالشهر المريمي في كل دول أوربا وأمريكا والعالم اجمع وقد خصص لهذا الشهر الصلوات والطقوس الخاصة بتكريم والدة الإله من خلال تلاوة المسبحة الوردية وطلبة العذراء وباقي الصلوات المتعارف عليها.
إن شهر أيار اخوتي هو شهر الصلاة والخشوع والمحبة والبركات، فكما إن الزهور في شهر أيار تملئ بيوتنا وكنائسنا ويفوح عطرها رحيق الروح القدس ببركة تلاوة المسبحة الوردية ، كذلك أمنا العذراء يفوح منها عطر قداستها وطهارتها حتى يرتفع ويحلق في سماء الكنيسة المقدسة والعالم اجمع ، وفي هذا الشهر يكرم الأبناء أمهم السماوية وفخر الكنيسة ، وهي بدورها تظهر محبتها وحنانها ومحبة قلبها المقدس لكل من اتخذها شفيعة وادخلها بيته والتزم بوصية السيد على الصليب (هذه هي أمك) فهي ملجأ الجميع .
في هذا الشهر المبارك والعزيز على قلوبنا تدعو الكنيسة المؤمنين لتكريم العذراء، وتلاوة المسبحة الوردية وطلبة العذراء والقراءات المخصصة للشهر المريمي التزام واستجابة الأبناء بطلب الأم المقدسة " أنا سيدّة الورديّة.. داوموا على صلاة المسبحة كلّ يوم.." (السيدة العذراء في 13 تشرين الأول 1917- فاطمة)
إن الكنيسة الجامعة تكرم العذراء مريم في الطقوس الكنسية والصلوات الليتورجيا ، والآباء الكهنة يشيدون بقداسة العذراء مريم ،حيث يقول القديس مار افرام السرياني(373) إن العذراء مريم هي تابوت العهد ، والمرأة التي سحقت رأس الحية (الشيطان) ، وهي المكرمة من كل دنس، والكاملة القداسة. لذلك نحن كمؤمنين نكرم هذه الأم التي أنجبت لنا الحياة من خلال ولادتها السيد المسيح له المجد وهدتنا حياة جديدة.
العذراء وحواء
لنقارن بين مريم العذراء وحواء : إن ما تصفه قصة الخلق بأن المرأة (حواء) كانت سبب لهلاكنا ، قصة تبدو بعض الأحيان لكثيرين قصة حزينة ومزعجة ، لكن دعونا لا ننسى عدالة الله الخالق والأب الحنون الغافر الخطايا الذي أعاد للمرأة مكانتها المرموقة في هذه الخليقة من خلال السيدة العذراء واظهر للإنسانية بأن المرأة التي تسببت بالموت والهلاك قد جددت بامرأة كاملة للطهارة وفائقة في الطاعة لمشيئة الله أكثر من الرجل الذي يبدوا هو ضحية التجربة في قصة الخلق، حتى أصبحت سبب للحياة.
إن القدّيس يوحنا الدمشقي أعلن عام 749 أنّ مريم قدّيسة طاهرة البشارة "إذ إنّها حرصت على نقاوة النفس والجسد كما يليق بمن كانت معدّة لتتقبّل الله في أحشائها." واعتصامها بالقداسة مكنّها أن تصبح هيكلاً مقدّسًا رائعًا حاملة وبجدارة عهد الخلاص ". ومريم طاهرة منذ الحبل بها: "يا لغبطة يواكيم الذي ألقى زرعًا طاهرًا! ويا لعظمة حنّة التي نمت في أحشائها شيئًا فشيئًا ابنة كاملة القداسة". ويؤكّد أنّ "سهام العدوّ الناريّة لم تقو على النفاذ إليها"، "ولا الشهوة وجدت إليها سبيلاً".
السيدة العذراء والعقيدة الكاثوليكية
إنّ المجمع الفاتيكاني الثاني ، يحثّ المؤمنين على تكريم مريم العذراء تكريمًا خاصًّا، موضحًا طبيعة هذا التكريم وأساسه، والاختلاف الجوهري أن هذا التكريم وعبادة الله، فيقول:
"إنّ مريم قد رُفعت بنعمة الله، وإنّما دون ابنها، فوق جميع الملائكة وجميع البشر بكونها والدة الإله الكلّية القداسة الحاضرة في أسرار المسيح. لذلك تكرّمها الكنيسة بحقّ بشعائر خاصّة. والواقع أنّ العذراء الطوباويّة، منذ أبعد الأزمنة، قد أكرمت بلقب "والدة الإله". والمؤمنون يلجئون إلى حمايتها مبتهلين إليها في كلّ مخاطرهم وحاجاتهم. وقد ازداد تكريم شعب الله لمريم ازديادًا عجيبًا، خصوصًا منذ مجمع أفسس، بأنواع الإجلال والمحبّة والتوسّل إليها والاقتداء بها، محقّقًا بذلك كلماتها النبويّة:
"جميع الأجيال تطوّبني، لأنّ القدير صنع فيّ عظائم" (لو 1: 48).
إلى حمايتك نلتجيء يا والدة الله القديسة، فلا تغفلي عن طلباتنا عند احتياجاتنا إليك. لكن نجّنا دائماً من جميع المخاطر أيتها العذراء المجيدة المباركة.
- تضرعي لأجلنا يا والدة الله القديسة.
- لكي نستحق مواعيد المسيح.