روما، الخميس 27 مايو 2010 (Zenit.org) – للمسيحيين المقيمين في الشرق الأوسط على الرغم من الاضطهادات والصعاب، والبالغ عددهم 14 مليون، مهمة يقومون بها في بلدانهم لخلق أجواء من السلام والوئام.
هذا هو أحد المواضيع التي طرحها المونسنيور ويليام شوملي الذي عين مؤخراً أسقفاً على بطريركية القدس، وذلك خلال مؤتمر نظم في 13 مايو الأخير في قاعة القديس المخلص.
هذا المؤتمر الذي يرمي إلى الإعداد للجمعية المقبلة الخاصة بالشرق الأوسط في سينودس الأساقفة، كان يضم حوالي 140 راهباً يعملون في البطريركية اللاتينية وشاركوا في صوغ الخطوط العريضة.
شدد المونسنيور شوملي على حاجة مسيحيي الشرق الأوسط إلى “اكتشاف دعوتهم”، وتلافي الانغلاق في ذهنية الغيتو التي لن تؤدي إلا إلى زيادة تهميشهم الاجتماعي.
خلال المؤتمر الذي يحمل الشعار التالي “سينودس الشرق الأوسط في سياقه الجغرافي السياسي والرعوي”، حلل الأسقف المعاون الجديد في القدس وضع الأقليات المسيحية في كل بلد على حدة.
من تركيا إلى مصر، من سوريا إلى العراق، يزداد وضع المسيحيين صعوبة بسبب هجرتهم من جهة، وبسبب زيادة الإسلام السياسي الذي يريد إخضاع المجتمعات العربية من جهة أخرى.
على الرغم من أن وضع التسامح يتعلق على مستوى كبير بكل بلد (من التعصب التام في السعودية إلى حرية العبادة في الأردن)، يعيش المسيحيون في مجتمعات تغيب فيها حرية الضمير.
تراجع عدد المسيحيين
أوضح المونسنيور شوملي أن المشكلة الكبرى التي تعاني منها الجماعات المسيحية اليوم هي مشكلة بقائهم لأنهم يعيشون منذ 100 عام نزوحاً مستمراً أضيفت إليه إبادة الموارنة (1860) وإبادة مليون ونصف أرمني في تركيا (1912) وحرب لبنان (1975-1990) وعدم الاستقرار في العراق (منذ 1990).
وأضاف المونسنيور شوملي أن هذه الهجرة “لم تضعف فقط نسيج الحياة المسيحية”، بل “فتحت أعين المسلمين المعتدلين الذين يرون في هذا النزوح إضعافاً للمجتمع العربي وخسارة لأفراد معتدلين”.
“كثيرون من الفلسطينيين المثقفين من بينهم مفتي فلسطين الأكبر، الرئيس محمود عباس ورئيس الحكومة سلام فياض، أعلنوا أن رحيل المسيحيين شكل خسارة لجميع الفلسطينيين، وأنه سيؤدي إلى مواجهة بين اليهود والمسلمين المتطرفين”، حسبما قال.
“يستطيع المسيحيون تقديم إسهامهم في البحث عن حلول للصراعات السياسية والدينية”، وإنما ينبغي عليهم أن يتخلصوا من ذهنية الانعزال، “ويشاركوا بنشاط في الحياة العامة”.
“دعوة” لا “مصير”
اعتبر المونسنيور شوملي أن المسيحيين الذين يعيشون في الشرق الأوسط يندمجون في ثقافة معينة، ويعيشون مع شعوب أخرى، ويشاطرونها اللغة والتاريخ والتقاليد الكثيرة.
وأشار إلى أنه “ينبغي على المسيحيين ألا يشعروا بأنهم غرباء. هم مدعوون إلى الشهادة للمسيح في البلاد التي يعيشون فيها”.
كما دعاهم إلى “العيش بإيمان وفرح على أرض أجدادهم”، موضحاً لهم أن “مغادرة بلدهم الأم تعني الهرب من الواقع”.
النزعة المسكونية
وتابع المونسنيور قائلاً: “إن الكتب المقدسة التي كتبت في أراضينا وبلغاتنا (العبرية، الآرامية، واليونانية) بعبارات أدبية وثقافية قريبة منا، سترشد أفكارنا” لنكتشف “معنى وجودنا وشركتنا وشهادتنا في السياق الحالي في بلداننا”.
“الكنائس بحاجة إلى عيش مميزاتها الليتورجية واللغوية وشركة أكبر مع بعضها البعض”.
وأضاف أن الكنائس بحاجة أيضاً إلى تجدد رعوي وليتورجي. وأعاد رسم العلاقات بين الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية معلناً أن الانقسامات بين كنائس الشرق الأوسط “هي ثمار الماضي المريرة، لكن الروح يسعى مع الكنائس لهدم الحواجز القائمة بينها وحملها نحو هذه الوحدة المرئية التي يريدها المسيح”.
ختاماً قال أن الكنيسة “لا تسعى إلى تقديم حلول لكل المشاكل التي يواجهها المسيحيون المقيمون في الشرق الأوسط”.
وشدد على أن واجب الكنيسة يقضي بتنشئة الإكليروس والمؤمنين خلال العظات والتعاليم الدينية ليعرف المؤمن المعنى الحقيقي لإيمانه، ويعرف الدور الذي يجب أن يؤديه في المجتمع باسم هذا الإيمان.