مقابلة مع رئيس المجلس الحبري للحوار بين الأديان بشأن العلاقات بين الفاتيكان ومصر

 لا بدّ أن يتواصلَ الحوارُ مع المسلمين

حاوره ماريو بونتزي

روما، الاثنين 31 يناير 2011 (Zenit.org) – هناك حوارٌ بين المسيحيين والمسلمين لابدّ أن يتواصل. هذا ما أكّده بقناعةٍ الكاردينال جان لويس تاوران، رئيس المجلس الحبري للحوار بين الأديان، في مقابلةٍ حول التوترات الأخيرة في مصر وبلدان عربية أخرى في هذه الأيام المأسوية. واستغلّ الكردينال الفرصة ليؤكد على الاستعداد الدائم للقاء، مشيرًا الى أنه “ليست الأديان من تقومُ بالحوار، بل المؤمنون الذين يشكلّون خليطًا من الخير والشرّ”، وأكّد على بقاء المواعيد المحددة على حالها “وبضمنها ذلك المنعقد في شهر فبراير مع شركائنا في القاهرة”.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

أصبحُ الوضعُ خطرًا في مصر. هل هناك قلقٌ من جانب المجلس الحبري فيما يخصّ الحوار بين المسيحيين والمسلمين؟ 

نعم، لأننا نريدُ أن نفهم جيدًا ما هي الأسباب التي دفعت مجلسَ أكاديمية الأزهر للبحوث الإسلامية لـ”تجميد” الحوار معنا في 20 يناير الماضي. أعتقدُ أن قراءةً متأنيّة لكلمات البابا بندكتس السادس عشر في رسالته ليوم السلام العالمي 2011، بالإضافة إلى حديثه لأعضاء السلك الدبلوماسي في العاشر من يناير الجاري، تساعدنا على إدراك سوء الفهم. واضح في هذين النصّين أن البابا أشار إلى قيمٍ شاملة، وبالتالي فهو لا يتدخّل، في الكلام عن إحترام حقوق وحريات الشخص البشري، في شؤونٍ ليست من اختصاصه، بل يقصدُ البقاءَ أمينين على خطّ عهدنا الذي يحثّنا جميعًا على “نسيان الماضي وتشجيع التفاهم المتبادل بصدق، بالإضافة إلى الدفاع سويةً عن العدالة الاجتماعية لجميع البشر، وعن القيم الأخلاقية والسلام والحرية”. وهذا الكلامُ يسري على الجميع.

ولكن هناك من يقول أن البابا لا يحبّ الإسلام؟

هذا أمرٌ خاطئٌ جدًا. يكفي قراءة كلمته لممثلي الأديان غير المسيحية في بداية حبريته، 25 أبريل 2005، والتي عبّر فيها عن تثمينه “لتنمية الحوار مع الإسلام” وتمنّى “الاستمرار في بناء جسور الصداقة مع جميع الأديان في البحث عن خير كلّ شخصٍ وخير المجتمع بأكمله”. وكيف لا يمكننا أن نتذكر زيارته بعدها إلى المسجد الأزرق في اسطنبول، في 30 نوفمبر 2007 . وكان قد عبّر مرةً أخرى قبل الزيارة بأيام، في حديثه لأعضاء السلك الدبلوماسي في تركيا، “عن أحترامه لجميع المؤمنين المسلمين، ودعاهم للعمل سويةً على أساس الاحترام المتبادل الذي يصبّ في صالح كرامة كلّ شخصٍ بشري، وتنمية المجتمع حيث تسمحُ الحريةُ الشخصية والاهتمامُ بالآخر بالعيشَ بسلام وبصفاء لكلّ واحد”. ودعا البابا إلى تقييم اختلافاتنا التاريخية والحضارية، ليس لغرض المواجهة، بل لاحترامها بصورةٍ متبادلة. كنتُ أيضًا شاهدَ عيان للاحترام الذي كنّه قداسة البابا لدى زيارته قبة الصخرة، في القدس. وفي تلك المناسبة، كانت كلماته فصيحة في زيارته إلى المفتي الكبير، إذ قال: “إنّه لأمرٌ بالغ الأهمية أن يُظهرَ أولئكَ الذين يعبدون الله الواحد بأنّهم متجذرين في آنٍ واحد في عائلةٍ بشرية، تربطُ أفرادها علاقات أحدهم بالآخر كخلائق لله الواحد، موسومين بالختم الإلهي الذي لا يُمحى، ومدعوين للقيام بدورٍ فعّال في إصلاح الانقسامات وتعزيز التضامن الإنساني”. يمكننا أن نذكر أيضًا الاجتماع مع موقّعي الرسالة المشهورة المتكونين من 138 شخصية مسلمة والمُرسلة إلى القادة المسيحيين عام 2008 هنا في روما. لم أجد أبدًا في كلمات بندكتس السادس عشر أي نقص في الاحترام تجاه الاسلام. ولنتذكر أن الحوار لا تقومُ به الأديان، بل المؤمنون الذين يشكّلون خليطًا من الخير والشرّ. إذ ليست الأديانُ من تمارسُ العنف، بل أتباعُها.

برأيكم، كيف يمكن الخروج من هذه الأزمة؟

من خلال تشجيع جميع الأديان على عيش الحوار بين الأديان كفرصةٍ مناسبة. على الرغم من نقوصات أتباع الأديان، علينا جميعًا امتلاك شجاعة السهر وأن نكون شهودًا لتعزيز الحبّ والاحترام والسلام. في عالمٍ مزعزع ومليءٍ بحواجز الانفصال المادّية والأخلاقية، يبدو لي مناسبًا أكثر من أي وقت أن تعززَ الأديانُ سويةً، على الرغم من اختلافاتها، الحبَّ والسلام. مَن يصلّي، فليذكّر جميعَ البشر أن الإنسانَ لا يعيشُ بالخبز وحده. وأن الحوار بين الأديان هو دومًا دعوة من الله لاكتشاف جذورها الروحية ليكون أتباعُها مؤمنين متلاحمين.

تبدون متفائلين!

ربما عليّ القول إني واقعي. إذا أردنا أن نتقدّم في الحوار، لابدّ أولاً من إيجاد الوقت للجلوس والكلام وجهًا لوجه، وليس من خلال الجرائد. أتمنى أن يدرك مَن يقرأ أحاديث البابا بندكتس السادس عشر أن جماعات المؤمنين مدعوّة لتصبحَ مدارس صلاةٍ وإخوّة. كما إنّي، اؤمنُ كثيرًا في دور المدرسة والجامعة، فبالنسبة لي، لا بدّ من إعادة طبع كتب التاريخ بالإعتماد على أسلوبها ومحتواها. هكذا يبقى الحوارُ بين الأديان وسيلةً أولية لتعزيز السلام. وسيواصل المجلسُ الحبري من أجل الحوار بين الأديان، على أية حال، قطفَ ثمار الصداقة مع مَن يريد الدخول في حوارٍ مع الكنيسة الكاثوليكية، ونقولُ لأصدقائنا بأننا نثمّنُ كلّ ما فعلوه ويفعلونه بشجاعةٍ وعزم للحفاظ على تقليد الجيرة مع أتباع الديانات الأخرى. ولذلك ستبقى جميعُ مواعيدنا لهذه الفترة على حالها، وبضمنها ذلك المنعقد في شهر فبراير مع شركائنا في القاهرة. يقع علينا نحن المؤمنين، أكثر من أي وقتٍ مضى، واجبَ أن نكشفَ لمعاصرينا أن هناك حبٌ يفوقهم، وهذا الحبّ لا يمكن إلاّ أن يدفعنا لنحملَ بأيدينا الخالية من السلاح، نورَ الصداقة للجميع بحيث لا يحبطنا أي شيء.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير