أحبوا أعداءَكٌم

Share this Entry

للأب هاني باخوم

روما، الثلاثاء 08 فبراير 2011 (Zenit.org) – “سمعتُم أنه قيلَ: أحبب قريبك وأبغض عدوُكَ. أما أنا فأقول لكٌم: أحبوا أعداءَكٌم، وصلوا من أجل مُضطهديكُم…..فتكونوا ابناء ابيكم الذي في السموات… فإن احببتم من يحبكم، فأي أجر لكُم؟” (متى 5: 43 ت).

كم هي عميقة تلك الكلمات! وكم هي مُشككة، ومَعثرة في نفس الوقت! صعب تقبلها وفهمها. صعب إدراكها وتحقيقها. بالفعل صعب ولكي نكون اكثر واقعية، بشريا مستحيل!

قد تكون هذه الكلمات سهلة ومؤثرة وجميلة في وقت اليسر، في وقت الرفاهية والراحة. لكن في وقت الالم وقت وقوع الظلم علينا، وقت وقوع الصعوبات: كيف يستطيع الانسان ان يحب الأخر عندما يبغضه؟ كيف يستطيع ان يحب من يحاول قتله؟ كيف يستطيع ان يحب من يحاول اخذ مكانه في العمل والوصول على حسابه؟ كيف يستطيع ان يحب من اساء له ولكرامته، لعرضه ولشرفه، لماله وكيانه، كيف؟ كيف يستطيع الانسان ان يحب من قتل عزيزا له، من خانه، من افترى عليه بالسوء والظلم، كيف؟

قد تكون هذه الكلمات فقط للقديسين؟ قد تكون هذه الكلمات فقط لمن ترك العالم ويعيش في الصحراء والاديرة؟ قد تكون هذه الكلمات فقط كمثل اعلى كي نحقق ما نقدر منها، على قدر ما نستطيع؟ لو كان الامر هكذا لما كانت هناك صعوبة. لقبلنا هذه الكلمات دون تشكك. لكن المشكلة ان المسيح يربط هذا الحب للعدو بكوننا ابناءً للآب. بمعنى أخر: من هو المسيحي؟ هو مسيح أخر، ابن لله، ابن للآب، هو الذي يحب العدو. أي ان الصفة الاساسية والشيء الذي يجعل من المسيحي مسيحي هو ان يحب عدوه. يسوع المسيح يؤكد كلامه ويقول فإن كنتم تُحبون من يُحبكم، فأي أجر لكُم؟

يسوع المسيح يعرف انه يتكلم بشيء مختلف عما يتوقعه المستمعون، فهو لا يحقق ما يطلبه المستمعون، بل بالعكس، يقول: إني اعرف انكم سمعتم، أي تعلمتم منذ الصغر، وتربيتم ونشأتم على ان تحبوا قريبكم وتبغضوا عدوكم. اعرف هذا، يقول المسيح. لكني اقول لكم شيئا أخر، كي تكونوا ابناء للآب السماوي: أحبوا أعداءَكٌم.

وكأن المستمع امام اختيارين، إما ان يستمر بأن يكون ابناً لمن هو ابن له، فيستمر في عمل ما تعلّمه وعمله حتى الان. فيستمر بعمل بما سمع ممن حوله، بما تعلم من كرازة العالم والاقرباء والمحيطين، مهما كانوا. وإما ان يغير طبيعته، فيصبح أبناً لله، ومن هو الله؟ هو الذي ظهر في شخص المسيح غافراًَ للخاطايا، احبنا عندما كنا اعداءه (روم 5: 10)، عندما أمسكنا بابنه الحبيب والوحيد وقتلناه، هذا هو الله، الذي عرفناه. ابنه له نفس طبيعته، ابنه يحب بنفس الطريقة، ابنه يتصرف بنفس الوسيلة. ابنه يحب العدو. فمن هو المسيحي؟ أليس هو ابن الله!

وهنا يتحول السؤال ويتغير. فالسؤال لم يعد كيف يمكننا ان نحقق هذه الكلمات: أحبوا أعداءَكم؟ بل يصبح هل نريد ان نكون أبناء الله؟ ام نريد ان نستمر في عمل ما تعلمناه وما سمعناه حتى الان؟ هل نريد ان نغير الطبيعة، ام تكفينا طبيعتنا وما سمعناه؟ هل نرغب في هذه العطية الجديدة؟ أبناء لله بهذه الصورة؟ ام نعتقد انها كلمات ومن يعمل بها مصيره الاستهزاء والضحك؟ السؤال ليس كيف يمكنك ان تحب العدو، السؤال هل ترغب ان تكون ابناً لله، أي شخص يحب العدو؟

لأن من يقبل هذه البنوة ويتلقى هذه الطبيعة، عمل الروح القدس من خلال الكنيسة والاسرار، قادر ان يحقق فيه هذه الكلمة. محبة العدو، هي عطية، نعمة، تعطى لمن يرغبها، تعطى لمن يصدق انها الحقيقة الوحيدة التي انتصرت وبقيت. ما من شخص ذهب الى القبر ورجع من جديد، وعاش الى الابد، الا الذي اعلن هذه الحقيقة، يسوع المسيح. محبة العدو وإن كانت تحملنا الى الموت فهي في العمق تحملنا الى حياة بلا نهاية.

العدو! كلمة لها معنى خاص في الكتاب المقدس فما هو؟…

الى المرة القادمة

أيام مباركة.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير