جل الديب، الأربعاء 23 فبراير 2011 (Zenit.org). – عقدت ظهر أمس الثلاثاء ندوة صحفية في المركز الكاثوليكي للإعلام بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام بعنوان : " التعددية الدينية في منطقة الشرق الأوسط"، برئاسة رئيس اللجنة، المطران بشارة الراعي، شارك فيها : معالي الوزير السابق، جورج قرم، والدكتور انطوان مسرّة وأمين سرّ اللجنة، الأب يوسف مونس، حضرها: المطران ريمون عيد، والمسؤول عن الفرع السمعي البصري في اللجنة، الاب سامي بو شلهوب، امين عام جمعية الكتاب المقدّس، الدكتور مايك باسوس، مدير عام إذاعة صوت المحبة، الأب فادي تابت، وعدد كبير من المهتمين والإعلاميين، قدّم لها المحامي وليد غياض.
تقديم وليد غياض جاء فيه:
تنظر الكنيسة الى التعددية الدينية في منطقة الشرق الاوسط، كمصدر غنى يميّز هذه المنطقة، لا بل انها ترى فيها ضرورة لتفاعل ثقافي حضاري ايجابي. وقد اكّدت على هذه الثوابت في أكثر من مناسبة وموقع، فدعت في اعمال السينودس الخاص بالشرق الاوسط، الى الاشتراك في مسيرة واحدة يحكمها الانتماء الى شرق تتوحّد فيه الهوية، وتتفوّق فيه المواطنة في الاطلاع بمسؤولية البناء والاصلاح، محمّلة المسيحيين دور محاربة الشرور، على انواعها، في مجتمعاتهم من اجل بناء مجتمع أكثر عدلاً، وتضامناً. ثم هنأ رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، المطران بشارة الراعي على تجديد ثقة قداسة البابا بندكتوس السادس عشر بتعيينه ولمدة خمس سنوات ثالثة، عضواً في المجلس الحبري في روما لراعوية المهاجرين والاشخاص المتنقلين وترك له كلمة الترحيب.
وجاء في كلمة الترحيب للمطران بشارة الراعي بالمنتدين والحضور ما يلي:
نقول في قانون الإيمان : "نحن نؤمن بكنيسة واحدة جامعة، أي متعددة، أي التعددية في الدين والثقافة والراي والعرق والجنس، لكن هذه التعددية مدعوة لتكوّن الوحدة في العائلة والكنيسة والمجتمعات".
وأضاف الراعي: "نحن سعيدين أننا في لبنان ننتمي إلى وطن يؤمن بالتعددية بكل أشكالها، ولكن بالتعددية في الوحدة، عزيز على الكنيسة هذا الموضوع، وقد طرح في السينودس من أجل الشرق الأوسط،، إن ذروة حضارة الشعوب الإيمان بالتعددية شرط أن تصل إلى الوحدة".
وختم بالقول: "نصلي لكي يحفظ الله هذا الوطن حامل هذه الرسالة وهذا النموذج وأن لا يحولوه السياسيون إلى أحادية في الرأي والحزب والدين".
ثم كانت مداخلة للوزير السابق جورج قرم عن الكنيسة والتعدّدية الدينية جاء فيها:
تعقد هذه الندوات في حالات ثورات شعبيبة في مصر وتونس وغيرها وأعطت إلى اليوم والحمدلله صورة الوئام والإنسجام بين كل الفئات الاجتماعية، ولنأخذ العبر في لبنان لكي نعيش تعدديتنا بشكل اسلس وإقصاء كل الآراء المتطرفة وأن يقوم لبنان برسالته كما حدّدها البابا يوحنا بولس الثاني رسالة إلى العالم كله وبأكثر في التعايش بهذا التداخل بين أبناء كنائس مختلفة ومذاهب اسلامية مختلفة.
ورأى أن هناك نوعان من التعددية : يدل التاريخ أن التعددية في قلب الديانة الواحدة قد تكون أصعب من التعددية بين أبناء ديانات مختلفة. وفي الكاثوليكية وصلنا إلى شاطىء الأمان بالمجمع الفاتيكاني الثاني الذي بالفعل اخذ العبر من تاريخ الكنائس المختلفة فعمل انفتاحاً مطلقاً على الديانات الأخرى السماوية من جهة، وايضاً الديانات غير السماوية. والثاني في التعددية في الديانات السماوية وهي ديانات ثلاثة ( اليهودية، المسيحية والاسلام)، والديانات التي تمارس عقائد تقبل في تعددية الآلهة كالوثنية.
وتساءل قرم: "كيف نوافق بين الوحدة وبين التعددية؟ اعتبر أن التوق إلى تحقيق وحدة العقيدة في البشرية هي موجودة في التنزيل الإلهي وفي الديانات السماوية الثلاثة، بينما في الشعوب الاسيوية تقبل بأن يكون الواحد بوذياً وفي نفس الوقت يبقى مسيحياً أو مسلماً.
وأعتبر أن الانفتاح كانت رسالة السيد المسيح، ونحن في هذا الشرق حافظنا على تعددية كنسية كبيرة جداً وربما من حلّل المعنى الفلسفي واللاهوتي والصوفي للتعديدية رحمه الله الأب يواكيم مبارك الذي وصفها جميعها بالكنائس الانطاكية وسعى في كل أعماله إلى إعادة اللحمة بين الكنائس الإنطاكية.
أضاف: "الكنيسة الرومانية انسلخت إلى حد ما من جذورها الشرقية، استقلت تماماً، وأصبح التناقض بينها وبين الكنيسة البيزنطية.
واعتبر ان التهجم والتعدي على كرامة الحبر الأعظم وعلى الكنيسة الكاثوليكية التي تعود وتتجذر عندنا في الشرق، خاصة وأن الشرق مهدّد أيضاً في تعدديته في ممارسات الصهيونية بكل المؤامرات التي تسعى إلى تفتيت الشعوب العربية إلى كيانات مذهبية وطائفية بشعة كما حصل في الحرب الأهلية اللبنانية 1970-1990، كما صار في العراق منذ الاحتلال الأميركي، وقد حان الوقت لكي تتحد كنائسنا للحفاظ على التعديدة ولعودة الذاكرة إلى الكنائس العربية بأن جذورها هنا في الشرق.
وعندما نتحدث مع اخواننا المسيحيين في أوروبا أو في اميركا كأن المسيح ليس مولود في فلسطين، كأنه مولود في واشنطن أو روما أو السويد، ونسيان فلسطين مهد المسيحية هذا ما يؤلمه كثيراً.
وختم بالقول: أنا أعتقد لتجذر ابناءنا في هذا الشرق لا بد من العودة إلى تراثنا الأصيل إلى تقافتنا الآرامية والسريانية ، لأن هذه التعددية هي التي تعيد لحمة الذاكرة بدون الانقطاعات التي أصبحت في كنائسنا.
ثم كانت مداخلة للدكتور انطوان مسرّة حماي ة التعددية الدينية عربيًا بآفاق جديدة، حماية التعددية الدينية عربيًا من الصهينة جاء فيها:
ما يقتضي تجنبه اختزال التعددية الدينية بقضايا فرعية: الحضور المسيحي، الأصوليات، الحوار الثقافي بين الأديان...، في حين تهدد المجتمعات العربية عدوى الصهينة، أي ضرب تعددية نسيجها التعددي الديني من خلال الترادف بين مساحة جغرافية وهوية دينية محددة. والحريات الدينية في كل أبعادها استنادًا الى الشرعات الدولية لحقوق الانسان، ولصالح الجميع، حيث ان الضحايا هم أيضًا مسلمون، واستنادًأ الى الاجتهادات الدستورية المقارنة في حماية الحريات الدينية.
ان الحالات الايجابية والمعيارية في الدفاع عن الحريات الدينية موجودة في المجتمعات العربية، ولكنها نابعة غالبًا من مؤسسات مهمشة، وجمعيات غير معروفة، ورجال دين مسيحيين ومسلمين ليسوا غالبًا في الصدارة، وقضاة ليسوا في قمة السلطة القضائية.
ويشتمل العمل على ثلاثة محاور: حالة التشريعات العربية والمستجدات في هذه التشريعات حول الحريات الدينية، حالة الاحكام القضائية دفاعًا عن الحريات الدينية، وحالة الدفاع والتمكين advocacy and empowerment الايجابية والمعيارية من قبل مؤسسات دينية وافراد وجمعيات واعلاميين، مع تفاصيلها ووصفها.
أضاف: "يقتضي التنبيه الى خطر الصهينة من خلال ضرب التراث العربي في تعددية نسيجه الاجتماعي الديني. هناك حاجة الى المراقبة، ورصد ما يجري يوميًا، واذا تم تثقيل pondération الحرية الدينية في مؤشرات البحث، فلن تستطيع بعدها إسرائيل من التغني بالمكانة التي تحتلها في الصف الأول في المنطقة في الحالة الديمقراطية، كما يرد في اكثر المؤشرات الدولية.
ولاحط أن هناك ظاهرة هجرة لدى مسيحي الشرق ويصعب تحويل الأنظار عنها، أو إغفال امرها أو تجاهل اسبابها، حتى وان كانت الأسباب نفسية، تتصل بالمناخ السائد، اكثر مما تتصل بالحقائق الواقعة فيه.
وأعتبر أن الحاجة إلى دراسة العلاقات بين الأديان في أبعادها الثلاث: البعد الثقافي ويشتمل على المعتقدات والتقاليد والصور المتبادلة، والبعد الحقوقي الذي يشتمل على أنماط حماية الحريات والحقوق، والبعد السياسي الذي يشتمل على مساهمة الأديان في السلام الإجتماعي أو على العكس استغلالها في التنافس السياسي.
واعتبر: "الحريات الدينية في لبنان والمجتمعات العربية عامةً هي الضامن لتعددية النسيج الإجتماعي العربي ووحدته استناداً إلى تراث دستوري عربي أصيل في إدارة التعددية الدينية. ودور الهيئات الدينية: في زمن حيث تتعدد الهيئات التي تتكلم بإسم الدين، الحاجة الى ممارسة الهيئات الدينية التزاماً واضحاً في الدفاع عن الحريات الأساسية. ويقتضي تالياً التجدد في تدريس العلم الدستوري في كل الجامعات العربية دون خلفيات عقائدية أو إيديولوجية".
وختم بالقول: "كنت أنتظر من بيان السينودس من أجل الشرق الأوسط قسم تفصيلي عن قضية الحريات الدينية وتنظيمها وحالة لبنان هي الأفضل لكن صار في تخوف من طرح الموضوع واختزل بقضية حرية الضمير وحرية العبادات، بينما الحريات الدينية تشمل المساواة وعدم التمييز، تشمل المشاركة في الحياة العامة، تشمل حرية الممارسة الدينية، حرية تغيير الدين وحرية التعبير عن الدين...
وتحدث الاب يوسف مونس فقال: الكنيسة واحدة في سرّ المسيح، أما المجتمعات متعدّدة، والألتزامات القومية والثقافات متعددّة وهي ارثوذكسية قويمة الإيمان بقانونها، هي كاثوليكية متعددة وعلينا أن نعيد هذا الأيروباج اللاهوتي الذي ردنا إليه المجمع الفاتيكاني وخاصة الآباء أيبوليت، افريقيا الشمالية، القديس اوغسطينس، القديس باسيليوس من اليونان والقديس ايرينه. هذه الجذور الأرثوذكسية الواحدة في تعدّد الكاثوليكيّة وفي تراثها, والكنائس السريانية كانت جسر العبور ما بين الاسكندرية وروما يعني تمزق روما وتمزق الاسكندرية وبقاء بطريرك انطاكية يصلي لوحدة جسد المسيح السري.
وفي الختام كانت كلمة للمطران ريمون عيد حيث ذكّر بلقاءات إيجابية جليلة يمكن الالتقاء فيها مع الاسلام: شخصية المسيح في القرأن، شخصية مريم العذراء في القرأن، بعض الطقوس كانت رهبانية، التهجير الليلي، الصوم ، أقرب الناس اليكم القسوس والرهبان، معتبراً الحوار الحقيقي حين نلتقي في ذلك الزمان والمكان وحيث كان الاسلام هو النصرانية والنصرانية هو الاسلام.