عميد مجمع الكنائس الشرقية: ” أيها الموارنة، كونوا قلباً واحداً وروحاً واحدة”
و
“تذكروا مسؤوليتكم التاريخية في الحفاظ على المسيحية في الشرق”
روما، الأربعاء 09 فبراير 2011 (Zenit.org) – ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها عميد مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندي، خلال القداس الاحتفالي في رعية القديس مارون في روما.
صاحب الغبطة
أصحاب السعادة
وكيل البطريركية المارونية الجزيل الاحترام
الكهنة، الراهبات، المنشئون والطلاب في هذا المعهد،
الإخوة والأخوات
يأخذ عيد القديس مارون معنى مميزاً في هذا العام الذي فيه نحتفل بيوبيل الـ 1600 سنة هلى عودته الى بيت الآب. ناسك نذر ذاته كلياً للرب وأصبح مؤسساً وأباً لكنيسة موقرة. وقد ارادت كنيسته أن توحد اسم انطاكيا- المدينة الأم لتقليديها اللاهوتي والليتورجي والروحي- باسم ابيها ومؤسسها لتقطف ثمار قداسته.
فلتكوني مباركة أيها الكنيسة الانطاكية المارونية، لأجل البركات التي أحلها الرب عليك بشفاعة القديس مارون. صلاتنا نرفعها من أجلك ومن أجل أبيك ورأسك، صاحب الغبطة الكاردينال صفير، الذي أتوجه إليه بتحية نابعة من القلب.
بمعية أبنائك، أيتها الكنيسة المارونية العريقة، سبحي باستمرار الرب مرشدك وراعيك! فالرب يسوع المسيح يفوق كل تسبيح.
أيها الأصدقاء الأعزاء، رفعت هذه الصلاة في 17 من يناير الماضي، خلال زيارتي الى حلب، مكان قبر القديس مارون. تزامنت زيارتي وعيد أب الحياة الرهيانية، القديس أنطونيوس الكبير، الذي تكرمونه أشد إكرام.
بين آثار المعابد القديمة، وأمام الذكرى التاريخية لشهادة القديس مارون المنيرة، وسمعان العمودي وعدد كبير من رسل للمسيح، المعروفين منهم وغير المعروفين، تشعر النفس برعشة من العاطفة الدينية، لأنه بجنونهم بمحبة الله، أزهرت الصحراء بقداسة الرهبان والنساك القديسين.
ولذلك فالهدف وراء لقائنا اليوم هم تمجيد الله! شكره في المسيح على القديس مارون وقديسي الشرق المسيحي، معين روحانية دائمة التجدد.
أود الآن أن أتوجه بكلمة الى الجماعة الكنسية اللبنانية لأذكّرها بعطية سينودس أساقفة الشرق الأوسط الكبيرة. وبينما يجري التحضير للإرشاد الرسولي ما بعد السينودس – الذي فيه سيعطي البابا التوجيهات أيضاً للبنان للحاضر وللمستقبل – لا بد للموارنة ولمختلف الطقوس الشرقية واللاتينية أن يتذكروا الدعوة ليكونوا “قلباً واحداً وروحاً واحدة”.
هكذا يريدكم القديس مارون: قلباً واحداً وروحاً واحدة! وقد علمكم أن هذا ممكن فقط إذا ما كان الله عظيماً فيما بينكم. إن الله هو من يجعل الإنسان عظيماً، ويجعله ابناً له في المسيح، ويدعوه الى وليمة الحياة الحقة والأبدية. فلتستقي الجماعة الكنسية وحدتها الداخلية من الإفخارستيا المقدسة، هذه الوحدة بين الرعاة ومن ثم بين الرعاة والمؤمنين لدعم اتساق السلوك الأخلاقي ولينتعش روحياً وطنُ الأرز النبيل.
معكم نعيش فترة قلق حيال ما يحصل في أمتكم. وكلنا رجاء ببلوغ توافق وطني في سبيل الخير العام ومن أجل مستقبل من الكرامة للبنان بين شعوب الأرض. فليلمس الرب ضمير كل واحد، إنطلاقاً من المسؤولين عن الحياة الاجتماعية. ومنكم أيها الموارنة يُطلب السهر الخاص لحماية كرامة وحرية ضمير الشخص البشري، وحرية دينه.
وأنتم أيها الكهنة الشباب في هذا المعهد، منكم يُطلب إسهام لا غنى عنه لخير لبنان الديني والمدني. إنه إسهام استعدادكم المسؤول للخدمة التي ستوكل إليكم عقب هذه السنوات الرومانية. تعلموا أن تواجهوا كل تضحية في الأمانة في كل عمل، لكي لا يضيع شيء في مسيرة النمو هذه التي تُمنح لكم بالقرب من خليفة بطرس، في قلب الكنيسة الكاثوليكية.
كونوا مطواعين لروح المسيح الذي يتكلم في كنيسته ولا تنسوا الإرث الثمين الذي تركه القديس مارون وقديسو كنيستكم الكبار. اقتدوا بتجذرهم الإنجيلي ولا تخافوا من أن ترغبوا انتم أيضاً في أن تكونوا قديسين مهما كان الثمن. إن وجودكم في روما ليس مسألة خاصة بل إنكم خدام المسيح والكنيسة.
أيها الأصدقاء الأعزاء، جميعنا ينتظر الـ 23 من فبراير عندما سيُختتم في روما يوبيل القديس مارون بوضع تمثاله خارج البازيليك الفاتيكانية. سيبارك البابا بندكتس السادس عشر التمثال بحضور البطريرك والأساقفة الموارنة، وبحضور رئيس الجمهورية اللبنانية وسعادة السفراء وعدد كبير من المؤمنين الذي سيتوافدون من الوطن الأم ومن المهجر.
في ذلك اليوم، سيشعر الموارنة – وبدون أي تمييز – أنهم مع الأب الأقدس في قلب الكنيسة الكاثوليكية، الأم والمعلمة، والتي أحبوها دوماً على مر عصور تاريخهم.
بفضل الشركة مع الكنيسة الكاثوليكية، وفي اليقين من اتحادهم بالرب يسوع، سينالون تشجيعاً كبيراً لعيش الإيمان المسيحي وللتبشير والاحتفال به.
الأمة اللبنانية الحبيبة تنتظر من أولاد القديس مارون شهادة الأخوة المسكونية والأخوة بين الاديان. هذه هي الرسالة التي سيوكلها إليكم الأب الأقدس: أن تكونوا بناة الوحدة والتضامن والسلام في لبنان، لتكونوا بذلك “ملح الأرض ونور العالم”. كونوا قريبين من الذين يهبون حياتهم ليبقوا أمناء للمسيح، دون ان ينسوا أبداً ان دم الشهداء هو دائماً بذرة لمسيحيين جدد، في اليقين أن ما من شيء يمكن أن يوقف قوة الله المتواضعة، أي المسيح المائت والقائم من الموت.
تذكروا، أيها الموارنة الأعزاء، مس
ؤوليتكم التاريخية في الحفاظ على المسيحية في الشرق. كونوا إذن بذرة خصبة من التعاون بين الأديان والثقافات، ضمن احترام حقوق وواجبات الجميع، وبدون أي تمييز.
كونوا دائماً وسطاء سلام وحضارة باسم المسيح، فلا يختفين اسمه أبداً من لبنان وليستمر صليبه في إلهام المسيرة الدينية والمدنية.
فلتستمر سيدة لبنان، التي كرمها القديس مارون، في السهر على أمتكم الحبيبة وعلى الدور المطلوب منها في عالم اليوم. آمين
نقله الى العربية طوني عساف – وكالة زينيت العالمية