بقلم الأب سميح رعد
بروكسيل، 25 فبراير 2011(Zenit.org). – يعلن يسوع في الإنجيل بحسب البشير متى عن خراب هيكل أورشليم ونهاية الأزمنة (متى 24، 2). ولما سُئل : “متى يكون هذا؟” لم يُجِبْ جواباً متوقعًا، بل قال إن لا أحد يعرف الساعة حتى هو ذاته فقد ورد في الإنجيل بحسب البشير متى: ” أَمَّا ذلك اليومُ وتِلكَ السَّاعةُ، فلا يَعْلَمُهما أَحدٌ، ولا مَلائكةُ السَّماواتِ، ولا الابْنُ، إِلاَّ الآبُ وحدَه. ” (متى 24، 36). ولكن المسيح يوجِّه أنظار التلاميذ وأنظارنا إلى كيفية التحضّر لهذه اللحظات الخطيرة في تاريخنا.
في هذه الأيام، نسمع كثيرًا ما قاله يتحقَّق: “سَتَسْمَعونَ بِحُروبٍ، وبأَخبارِ حُروب؛ أُنْظُروا، لا تَقْلَقُوا: فإِنَّهُ لا بُدَّ أَنْ يَكونَ هذا؛ ولكِنْ، ليسَ هو المُنْتَهى بَعد. فَسَتَنْهَضُ أُمَّةٌ على أُمَّةٍ، ومَمْلكَةٌ على مَمْلكَة، وتَكونُ مَجاعاتٌ وزَلازِلُ في أَماكِنَ شَتَّى. وهذا كلُّهُ أَوَّلُ الأَوْجاع.” (متى 24، 6 – 8).
أمَا عن الدينونة الأخيرة، فيقدِّم لنا صورة عن المُبَارَكِين والمَلْعُونين. في حوار الملك الديان، يَكشف الإنجيل لنا عن كل ما عاشه هؤلاء: فالذين صنعوا الخير تباركوا به، والذين اهتموا بأمور ثانوية لُعِنوا.
لنلاحظ هنا هذه الدهشة عند المباركين وعند الملعونين على السواء. إنَّ مفاجأة المختارين وأولئك المرذولين، ستكون على قدر اهتمامهم أو إهمالهم للذي عاشوه في هذه الدنيا. جميعُهم سألوا سؤلاً وحيدًا: “متى رأيناك؟” (متى 25، 37 و 44)
لنتذَّكر أيها الأخوة والأخوات، أن الكنيسة في بداية هذا الزمن الاستعدادي للصيام المبارك، كانت قد وضعت أمام أعيننا شخص زكا العشار، الذي كان يريد أن يرى يسوع. (متى 19، 1 – 9). لتقول لنا من خلاله: إنَّ الصيام والصلاة والأكل والشرب والحياة كلها تتجه نحو هدف واحدًا ألا وهو رؤية وجه المسيح.
اليوم هذا النص، يعيد علينا السؤال عينه: “متى رأيناك؟” فنحن مدعوون إلى اكتشافه بالفقير، وبالمريض، وبالسجين… من دون شكّ علينا ألاَّ نقيسَ حياتنا فقط من خلال الشريعة: “هل تمَّمتُ واجبي؟”
يعلمنا هذا النصّ أنَّ الدينونة ليست حَسْبَ استقامة نيتنا بالمُقَام الأول، ولكنها حسب علاقتنا بالآخر ومحبتنا له! لنتذكرنَّ قول الرسول بولس: “لو بَذَلْتُ جميعَ أَمْوالي إِحْسانًا، ولو أَسْلَمْتُ جَسَدي ليُحْرَقَ، ولم تكُنْ فيَّ المحبَّةُ، فلا أَنتفِعُ شيئًا.” (1 كور 13، 3).
إنجيل هذا اليوم يعدّنا للصيام، هو أحد مرفع اللحم، يدعونا أن نضع حياتنا تحت ضوء المسيح الذي نراه في الآخر.
يقول لنا القديس يوحنا الذهبي الفم: “إنَّ علامة ملكوت المسيح في هذا العالم هي هذا الرمز الصغير في الخبز الذي سنتقاسمه! …الله أعطاك ابنه الوحيد، وأنت ألا تعطي قسمة من الخبز الصغير للذي ذُبِحَ عنك؟” آمين.