حاضرة الفاتيكان، الاثنين 28 فبراير 2011 (ZENIT.org) . – ننشرُ فيما يلي نصّ رسالة البابا بندكتس السادس عشر لصاحب الغبطة البطريرك مار نصر الله بطرس صفير والتي قبل فيها استقالته من منصب بطريرك انطاكيا للموارنة.
* * *
إلى صاحب الغبطة الكاردينال نصر الله بطرس صفير بطريرك انطاكيا للموارنة
إنّ السنة المكرّسة لمرور 1600 عام على وفاة القديس مارون تقتربُ من نهايتها. وخلال هذا اليوبيل الاستثنائي، مُنِحَت الكنيسةُ المارونية نعمةً خاصّة. إنّها أيضًا تتويجٌ لخدمتكم لتمجيد الله ولخير جميع مؤمنيكم.
لقد صاغكم الله بمحبته الكاملة وفرزكم بعلامةٍ لا تُمحى باختيارٍ خاصّ لخدمته. وقد وجدَ هذا الاختيارُ السرّي مكانًا في جوابكم الحرّ والمتحمس على مثال أمّ الله: “فليكن لي بحسب قولك” (لوقا 1، 38 ).
احتفلتم العام الماضي بالذكرى السبعين لسيامتكم الكهنوتية؛ إنّها شهادةٌ للأمانة والحبّ ليسوع المسيح الكاهن الأعظم. وفي شهر يوليو القادم ستكونُ لكم الفرصة لرفع الشكر للثالوث الأقدس على مرور خمسين سنةٍ على سيامتكم الأسقفية.
تعاونتم خمسة وعشرين عامًا تقريبًا مع خلفائكم على كرسي أنطاكيا، قبل أن يختاركم السينودس كخليفة لهم في 19 أبريل 1986؛ لحظةٌ مهمّة تضعونها اليوم على عتبة اليوبيل الفضّي في هذا المنصب.
بدأتم خدمتكم كبطريرك للموارنة وسط عاصفة الحرب التي أَدْمَتْ لبنان لوقتٍ طويل جدًّا. وبرغبةٍ محترقة للسلام في بلادكم، قُدْتم هذه الكنيسة في العالم لتعزيةِ شعبكم المُجبَر على الهجرة. وقد عادَ السلامُ إليه مرةً أخرى، ومع أنّه هشّ، إلاّ أنّه حاضرٌ دومًا.
دعاكم البابا يوحنا بولس الثاني، الذي ستغمرني الفرحة بإعلانه طوباويًا يوم 1 مايو القادم، لتدخلوا في مجمع الكرادلة، في 26 نوفمبر 1994، في شركةٍ أعمق مع الكنيسة الجامعة. زيارةُ سلفي الموقّر إلى بيروت عام 1997، لتوقيع الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس “رجاء جديد للبنان”، أشارت من جديد إلى الرابط الثابت لكنيستكم مع خليفة بطرس.
وعندما دعيتُ إلى عقد السينودس الخاص من أجل الشرق الأوسط في سبتمبر 2009، عيّنتكم رئيسًا مفوضًا برتبة الشرف للتأكيد على أهمية الخدمة الكنسيّة التي قمتم بها باسم المسيح.
في الأيام الأخيرة باركتُ تمثال القديس مارون الموضوع في حنية من حنايا بازيليك القديس بطرس في ختام السنة اليوبيلية، وبذلكُ تمكنتُ من تحيتكم، وتحيّة رئيس جمهورية لبنان والعديد من الأساقفة والمؤمنين.
لقد اخترتم أن تستقيلوا عن منصب بطريرك أنطاكيا للموارنة في هذا الظرف الخاصّ. والآن أقبلُ قراركم الحرّ والسخي الذي هو علامة على تواضعٍ كبير وتخلي عميق. وأنا على يقين أنكم سترافقون دومًا مسيرة الكنيسة المارونية بصلاتكم وبنصيحتكم الحكيمة وبتضحياتكم.
أطلبُ من الله ضابط الكل، بشفاعة القديس مارون وسيدة لبنان، أن يغمركم بفيض بركاته. ومن كل القلب أمنحكم البركة الرسولية وللأساقفة والكهنة والمكرّسين وجميع مؤمني الكنيسة المارونية ولشعب لبنان العزيز.
عن الفاتيكان، 26 فبراير 2011
بندكتس السادس عشر