في ٱلخفيةِ

تأمل في قراءات القداس بحسب الطقس الملكي البيزنطي

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

بقلم الأب سميح رعد

بروكسيل، الجمعة 4 آذار 2011 (ZENIT.org). – “أَمّا أَنتَ فَإِذا صُمتَ فَٱدهُن رَأسَكَ وَﭐغسِل وَجهَكَ لئَلاَّ تَظهَرَ لِلنّاسِ صائِمًا بَل لِأَبيكَ ٱلَّذي في ٱلخفيَّة.” (متى6، 17 – 18)

في الصيام المسيحي لا تطبيل ولا تزمير كما في العهد القديم (يوئيل 2، 15)… صيامنا في الكنيسة مسيرة حج صامتة (متى 6، 18)، لرؤية وجه الله.

الصلاة والصيام والتوبة والحسنة، حميمية مع إلهنا. كجماعة أصلي معكم، وأقدم ذبيحتكم وذبيحتي، ولكن خلوتي بإلهي تكون وحدي، وصيامي يكون في وحدتي… وشمالي لا تعرف ما فعلت يميني (متى 6، 3).

يا أخي وأختي،

هوذا موسم الصيام البهي،

إن فَعَلْتَ شرًّا، تب، واذهب إلى كاهنك واعترف.

للرب القلوب والصلوات والصيامات والحسنات… ولا فضل لا لك ولا لي على أحد. أتيت إلى هذه الدنيا وحيدًا ومغلق اليدين متعلقًا بها عندما كنتَ طفلاً، وستذهب وحيدًا ولكن مفتوح اليدين، كما يذهب كل بني آدم، لأنهم فهموا أن لا شيء فيها، ولا تستحق أن يتعلق الإنسان بها. “للرب الأرض وملؤها، المسكونة وكل الساكنين فيها.” (مز 24، 1) بهذه الآية يودِّع الكاهنُ المتنيح وهو يودع جسده التراب. كل شيء فانٍ إلا وجهه تعالى.

هوذا موسم الصيام البهي،

الصيام هو صلاة الجسد. الصيام توبة، والتوبة ارتداد، والارتداد خلوة. والخلوة لا يدري بها إلاك وحبيبك إلهك.

في الخلوة، وفي الخلوة فقط، صم صومك وانذر نذورك، وقدِّم حسناتك.

في الخلوة أدعُ ربك، استنجده، إذرف دموعًا عن خطاياك أمامه…

هوذا موسم الصيام البهي،

اليوم أقول في صلاتي: “يا إلهي لقد تأخرت… لقد تأخرت في محبتي، تأخرت في خدمتي، تأخرت في فرحي، تأخرت في رجائي، تأخرت في صلاتي، تأخرت في صيامي…”

تأخرت في محبتي لأني لم أكنز كنوزي في مكان أمين (متى 6، 19). تركت قلبي يراقب الراكعين أمام المال لأرى كيف يؤلهونه. (تث 30، 17) فضاع وقتي مني… ولكن الحمد لك لأني لم اركع معهم ولم أسجد له.

تأخرت في خدمتي، ونسيت أحيانًا أن الكبير هو الخادم… ولكن محبتك أكبر… لا يوجد قدرة فوق قدرتك.

تأخرت في فرحي، لأن الحزن مَلَكَ أحيانًا قلبي، لم أسهر جيِّدًا على سلامي وصفائي وسكينتي، فسرق السارقون منه ما سرقوا (متى 6، 19)، ولكنَّك أنت المعوِّض، وكرمك كبير وحنانك سيمنحني قدرة على الفرح والعطاء أكثر. (مزمور 119، 28)

تأخرت في رجائي… وتركت الصدأ يعبث بما في قلبي (متى 6، 21)… اعتقدت أحيانًا أن الشمس غابت ولن تعود، والغيوم احتلت كل المكان، ومعتقدي صدأ قليلاً… نسيت أنك أنت الرجاء وكلنا سائرون نحو القيامة والفصح. أَنْظُرُ إلى الأمام، الحياة جميلة ومليئة بالمواعيد الطيبة. وعيد الفصح قريب.

هوذا موسم الصيام البهي،

يا أخي وأختي،

غدًا سيبدأ الصيام. ليكن يومُك جديدًا، ابدأ مع الكنيسة صيامك في الخفية. “ٱدهُن رَأسَكَ وَﭐغسِل وَجهَكَ”. (متى 6، 17). وفي الخفية صل توبتك.

غدًا بالعفة عطِّر قلبك وعقلك وأحشاءك، ولسانك وفمك وعينيك وكل مشاعرك.

في خلوتك في هذا الصيام، تب وعد إلى الله، اليوم بيدك التوبة… غدك ليس بيدك.

في خلوتك فكر بأخيك، وأطعمه بمحبتك مما صمت عنه، وتصدق بالله له، لكي لا يكون صيامك نفاقًا وصلاتك رياءً.

إذا أتيت الكنيسة لتصلي جماعةً: “يا رب القوات كن معنا، فليس لنا في الضيقات معين سواك.” وقلبك مليء حنقًا أو غضبًا أو خداعًا… عُدْ إلى مخدعك واسأل ربك إراداته في حياتك، فهو رب كل قدرة، وسلطانه فوق كل سلطان.

إذا أتيت لتلقي على العفيفة مريم سلامك في صلاة المدائح، وقلبك لم يسكنه بعد السلام، عُد يا أخي إلى مخدعك. واطلب من الله سلامًا لقلبك صفحًا عن خطيئتك. وقل لمريم الطاهرة العفيفة حاجتك، فهي شفاءً لأجسادنا وخلاصًا لأنفسنا.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير