كلمة البابا بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة التبشير الملائكي
الفاتيكان، الاثنين 14 مارس 2011 (ZENIT.org). – ننشر في ما يلي الكلمة التي تلاها قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان نهار الأحد 13 مارس 2011.
* * *
أيها الإخوة والأخوات الاعزاء،
هذا هو الأحد الأول من زمن الصوم، الزمن الليتورجي الأربعيني الذي يشكل بالنسبة للكنيسة مسيرة استعداد للفصح. يترتب علينا فيه أن نتبع يسوع الذي يسير بشكل حاسم نحو الصليب، ملء رسالته الخلاصية. وإذا تساءلنا لم الصوم؟ ولم الصليب؟ فالجواب الجذري هو التالي: لأن هناك الشر، لأن هناك الخطيئة التي هي بحسب الكتاب المقدس السبب العميق لكل شر.
ولكن هذا التصريح ليس بديهيًا البتة، وكلمة “خطيئة” بحد ذاتها ليست مقبولة من كثيرين، لأنها تتطلب نظرة دينية للعالم وللإنسان. بالواقع، هو صحيح: إذا ما محونا الله من أفق العالم، لا يمكننا أن نتحدث من بعد عن خطيئة. كما عندما تستتر الشمس، تختفي الظلال؛ فالظل يظهر فقط بحضور الشمس؛ كذلك غياب الله يحمل بالضرورة إلى غياب الخطيئة. ولهذا فمعنى الخطيئة – والتي هي أمر مختلف عن “الشعور بالذنب” كما هو مفهوم من قبل علم النفس – نكتشفه عندما نعيد اكتشاف حس الله. يعبّر عن هذا الأمر مزمور “ارحمني يا الله” المنسوب للملك داود بمناسبة الخطيئة المزدوجة الزنى والقتل: “لك وحدك خطئت – يقول داود مخاطبًا الله – والشر قدامك صنعت” (مز 51، 6).
أمام الشر الأخلاقي، موقف الله هو موقف رفض للخطيئة وقبول للخاطئ. الله لا يقبل الشر لأنه حب، عدالة وأمانة؛ ولهذا السبب بالتحديد لا يريد موت الخاطئ، بل أن يتوب ويحيا. ولكي يخلص البشرية يتدخل الله: نرى ذلك في تاريخ الشعب العبراني، انطلاقًا من التحرير من مصر. الله مصمم على تخليص أولاده من العبودية ليقودهم إلى الحرية. والعبودية الكبرى والأعمق هي عبودية الخطيئة.
لهذا أرسل الله ابنه الوحيد إلى العالم: لكي يخلص البشر من سلطان الشرير “أصل وسبب كل خطيئة”. لقد أرسله في جسدنا المائت لكي يصبح ضحية تكفير، مائتًا لأجلنا على الصليب. ضد مشروع الخلاص النهائي والشامل هذا، قام الشيطان مقاومًا بكل قواه، كما يبين لنا بشكل خاص إنجيل تجارب يسوع في الصحراء، والذي تتم تلاوته كل عام في الأحد الأول من الصوم. بالواقع، الدخول في هذا الزمن الليتورجي يعني كل مرة أن نقف مع المسيح ضد الخطيئة، وأن نواجه – كأفراد وكجماعة كنسية – الجهاد الروحي ضد روح الشر (أربعاء الرماد، صلاة قبل القراءات).
فنلطلب إذًا مساعدة مريم الكلية القداسة في مسيرة الصوم التي بدأت لتوها، لكي تكون غنية بثمار الارتداد. وأطلب إليكم الذكر الخاص بالصلاة لأجلي ولأجل معاوني في الدائرة الرومانية، إذ نبدأ هذا المساء أسبوع الرياضات الروحية.
* * *
نقله من الإيطالية إلى العربية روبير شعيب – وكالة زينيت العالمية
جميع الحقوق محفوظة لدار النشر الفاتيكانية