راعي ثلاثة ملايين مؤمن
روما، الأربعاء 16 مارس 2011 (Zenit.org) – المونسنيور بشارة الراعي، أسقف جبيل- بيبلوس، البالغ من العمر 71 عاماً والمنتمي إلى الرهبانية المريمية المارونية، هو البطريرك الجديد للكنيسة المارونية، وخليفة الكاردينال نصر الله بطرس صفير.
أجراس الكنائس أعلنت النبأ في كل أنحاء لبنان للاحتفال بانتخابه من قبل سينودس الأساقفة الموارنة كالبطريرك السابع والسبعين لأنطاكيا وسائر المشرق.
وكان الكاردينال صفير البالغ من العمر 90 عاماً قد قدم استقالته بعد بلوغه سن التقاعد لبندكتس السادس عشر الذي قبلها في 26 فبراير الفائت.
سيم الراعي كاهناً سنة 1967 وأسقفاً سنة 1986، وكان مسؤولاً أيضاً عن القسم العربي في إذاعة الفاتيكان من سنة 1967 ولغاية سنة 1975.
تضم الكنيسة المارونية حوالي ثلاثة ملايين مؤمن، ويعيش ثلثاهم في الشتات. وتشمل الكنيسة المارونية 23 أبرشية ونيابتين في لبنان وفي أنحاء أخرى من العالم: الأردن، إسرائيل، فلسطين، مصر، سوريا، قبرص، الأرجنتين، البرازيل، المكسيك، الولايات المتحدة، كندا وأستراليا.
تستمد الكنيسة المارونية أصولها من القديس مارون ومن ديره الكائن في سوريا في أفاميا القديمة. فهناك، عاشت جماعة نسكية صغيرة في القرن الخامس قبل الانطلاق إلى الجبال اللبنانية، تحت ضغوطات بدعة “القائلين بالطبيعة الواحدة” الذين لم يكونوا يعترفون بوجود طبيعة بشرية في شخص المسيح إضافة إلى طبيعته الإلهية.
اتحدت الكنيسة المارونية مع روما سنة 1182. ومن هنا، فإن سبب نشأتها لا يعود إلى تناقض مع الكنيسة الأرثوذكسية.
خلال تقديم سينودس الأساقفة الخاص بالشرق الأوسط في أكتوبر 2010، شدد المونسنيور الراعي على أن الأهداف الثلاثة للسينودس كانت من جهة “الوعي الجديد بتنوع المسيحيين وبمعنى حضورهم التاريخي في الشرق الأوسط، وبإسهامهم الكبير في حياة بلدانهم”؛ ومن جهة أخرى “تعزيز روابط الشركة الكنسية”، وختاماً “تشجيع الشهادة المسيحية روحياً ورعوياً واجتماعياً”.
وشدد على أن السؤال المهم هو التالي: “ماذا يقول الروح القدس لكنائس الشرق الأوسط لمواجهة التحديات القائمة؟ هناك ترقب ثمار ومبادرات”.
من الواضح أيضاً أنه “سيتم لمس جراح الشرق الأوسط: كيف تُضمن حياة سلام وتفاهم وازدهار؟” حسبما سأل.
وفي مداخلته في سينودس 13 أكتوبر 2010، أسف المونسنيور الراعي للانقسامات بين المسيحيين وحتى بين الكاثوليك في لبنان مستنداً إلى المادة 34 من أداة العمل: “في لبنان، المسيحيون منقسمون على الصعيد السياسي والطائفي، ولا أحد يملك مشروعاً مقبولاً من الجميع”.
وعقب المونسنيور الراعي قائلاً: “لا يوجد انقسام على الصعيد الطائفي، وإنما هناك تنوع كنائس كاثوليكية وأرثوذكسية وإنجيلية قائمة بحق ذاتي ولكل منها إرث ليتورجي ولاهوتي وروحي ونظامي خاص. بالمقابل، هناك انقسام سياسي لا يؤثر في الجوهر وإنما في الخيارات الاستراتيجية”.
“بشأن الجوهر، المسيحيون موافقون على الثوابت الوطنية التي تحددها وثيقة “الثوابت” التي أصدرتها البطريركية المارونية في 6 ديسمبر 2006، والتي وافق ووقع عليها رؤساء الأحزاب السياسية المسيحية. هذه الثوابت تم تفصيلها في وثيقة أخرى صدرت سنة 2008 بعنوان “شرعة العمل السياسي في ضوء تعليم الكنيسة وخصوصية لبنان”، حسبما لفت.
وسياسياً، كان يحلل الوضع كما يلي: “بشأن الخيارات السياسية، يتمحور انقسام المسيحيين على الاستراتيجية المرتبطة بحماية الثوابت وبالحضور الفعال والفعلي للمسيحيين. هذا الانقسام ناتج عن الأوضاع السياسية الراهنة، الداخلية والإقليمية والدولية”.
وقال: “ففي العالم العربي، هناك شرذمة قوية بين السنة والشيعة، شرذمة واضحة إقليمياً في التحالف من الناحية السنية بين السعودية والأردن، ومن الناحية الشيعية بين إيران وسوريا. هذا الانقسام تحول إلى صراع دموي بين السنة والشيعة في العراق. وعلى الصعيد الدولي، الصراع قائم بين الولايات المتحدة وحلفائها لصالح السنة من جهة، وإيران من جهة أخرى بسبب طموحاتها الإقليمية وبرنامجها النووي”.
أوضح البطريرك المستقبلي أن انقسام المسيحيين في لبنان قائم في الصراع السياسي بين الشيعة والسنة. “في سبيل إنقاذ النظام اللبناني وحضوره الفعلي، يختار قسم التحالف مع السنة، ويختار آخر التحالف مع الشيعة، ويدعو قسم ثالث إلى إقامة علاقات جيدة مع السنة والشيعة وإلى عدم الانجراف نحو سياسة المحاور الإقليمية والدولية”.
وختم تحليله قائلاً: “المشروع السياسي المقبول من الجميع يقوم على إنجاز الدولة المدنية التي تتواجد عناصرها في “الثوابت”، “شرعة العمل السياسي” والدستور. هذا ما يميز لبنان عن باقي بلدان الشرق الأوسط التي تتميز كلها بأنظمة دينية”.