أسرار الكنيسة: سلسلة عن الأسرار للمطران عصام درويش
الجزء الثالث عشر: الافخارستيا سر الأسرار
روما، الجمعة 8 أبريل 2011 (Zenit.org) – المسيح موجود معنا في كل الأسرار التي نأخذها لكنه أراد أن يثبت حضوره معنا بشكل مميز كما وعدنا: "ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر" (متى28/20)، فأسس لنا سر الافخارستيا ليعطينا حياته "خذوا فكلوا هذا هو جسدي.. اشربوا من هذا كلكم هذا هو دمي.." (متى 26/26)، ليس هذا فحسب لقد أراد أن يُبدِّلنا ويجعلنا شركاء في حياته الإلهية لأن هدف حياة المسيحي وفحوى إيمانه هو أن يتعرف إلى الله ويحبه، وما الشركة معه والحياة فيه إلاّ نتيجة هذه المعرفة وهذا الحب: "الحياة الأبدية هي أن يعرفوك، أنتَ الإله الحق وحدَك" (يو 15/3). إن من يولد من جديد بالماء والروح ينتمي إلى ملكوت الله ويمكث فيه إلى الأبد ومن يتناول جسد الرب ودمه تتفجر في داخله ينابيع القيامة فيبلغ إلى أقصى حد من الشركة مع الثالوث الأقدس، شركة تحيي الإنسان وتؤلهه.
لقد حصلنا على الروح القدس في المعمودية ومُنحنا هباته بالميرون المقدس وتثبتنا فيه، لكن عندما نتناول جسده ودمه ينمو الروح فينا فتثبت فينا ثماره الذي تحدث عنها القديس بولس: "ثمر الروح هو المحبة والفرح والسلام وطول الأناة واللطف ودماثة الأخلاق والأمانة والوداعة والعفاف" (غلا5/22). إن ثمر الروح هو أن نُحب كما أحبنا الله وعندما نسمح لحبه أن يطال طبيعتنا كلها نتأله ونصير "شركاء طبيعته الإلهية" (2بط1/4).
المسيح منحنا بالافخارستيا روحه الذي نلناه بالمعمودية والميرون كما نصلي في الايبكليز: "نبتهل إليك ونتضرع فأرسل روحَكَ القدوس علينا وعلى هذه القرابين الحاضرة لكي يكونا للمتناولين منهما لعفاف النفس، لغفران الخطايا، لشركة الروح القدس". إننا بتناولنا جسد ودم المسيح نصير "جسدا واحدا وروحا واحدا" (الصلاة الافخارستية الثالثة في الطقس اللاتيني).