أسرار الكنيسة: سلسلة عن الأسرار للمطران عصام درويش
الجزء الرابع عشر: الافخارستيا وحدة مع المسيح
روما، 12 أبريل 2011 (Zenit.org) – نحتفل بالعماد والميرون مرة واحدة، فنحن نولد في المسيح ونصير هيكل الروح القدس مرة واحدة وإلى الأبد ونصير بهذين السرين أيقونة مقدسة، لكن هذه الأيقونة تصير مشوهة وقابلة للموت لأننا “مولودون من لحم ودم ومن مشيئة بشرية” (يو1/13) وبالتالي نحن بحاجة، إلى شعلة حبٍّ لنجابه قدرة الموت الساكن فينا وإلى مصالحة مستمرة لنستعيد “وحدة الروح ورباط السلام” (أفس 4/3)، وبحاجة إلى شفاء دائم من شوكة الخطيئة. يتحقق ذلك كله بالافخارستيا، ذبيحة الشكر، ففي ليلة العشاء الأخير أعطانا يسوع جسده ودمه “خذوا فكلوا هذا هو جسدي الذي يُكسر لأجلكم” أي الجسد المصلوب من أجلكم، “خذوا هذا هو دمي الذي يُهراق عنكم” أي الذي أهرقَ على الصليب. لذلك نسمي القداس ذبيحة إلهية، لأن صليب المسيح هو منبع الافخارستيا.
من أجل ذلك أيضا لا يمكن أن نعزل المناولة عن ذبيحة المسيح على الصليب حيث تجلّى حب الله للإنسان، لقد أراق دمه من أجلنا وأخضع ذاته لشرعة البشر ليماثلنا بالألم والعذاب والموت، لكنه كإله قام من بين الأموات غالبا الموت. وعندما قال لنا “اصنعوا هذا لذكري” أرادنا أن نحتفل باستمرار بهذه الذبيحة السماوية لنخبر بموته وقيامته: “فإنكم كُلَّما أكلتُم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تُخبرون بموتِ الرَّبِّ إلى أن يأتي” (1كور11/26). إذن الافخارستيا والموت على الصليب هما حقيقة واحدة فبدون الصليب لا توجد ذبيحة ولا كنا نتمتع حتى الآن بالحب الذي أفاضه علينا المسيح.
يؤكد المسيح في إنجيل يوحنا أنه خبز الحياة” أنا الخبز الحيُّ الذي نزلَ من السَّماء.. إذا لم تأكلوا جسدّ ابنِ الإنسان وتشربوا دَمَهُ فلن تكون فيكُمُ الحياة.. من أكلَ جسدي وشربَ دمي أقامَ فيّ وأقمتُ فيه” (يو6/51-56). بالافخارستيا يدخل المسيح فينا ويلبس شخصيتنا، نتقوى به فنُثبّت حضوره في العالم ونصير امتدادا له على الأرض.