أسرار الكنيسة: سلسلة عن الأسرار للمطران عصام درويش
الجزء الخامس عشر: الافخارستيا حياة المؤمنين
روما، 13 أبريل 2011 (Zenit.org) – سألني أحدهم كم مرة يمكن أن أتناول القربان المقدس في اليوم الواحد؟ هذا السؤال يتبادر إلى ذهن الكثيرين من الناس فمنهم يقول مرة واحدة وآخرون يؤكدون أن المناولة متاحة في كل مرة نحتفل بالذبيحة الإلهية. في مفهومنا الشرقي نُسمي المذبح الذي تقام عليه الذبيحة بالمائدة المقدسة، فالرب يدعونا إلى وليمة “ملكوتية” وإلى شركة روحيه معه فهل يمكن ألا نُلبي دعوته ونجلس على مائدته ونشاركه طعام الحياة. إن الروح القدس يقول لنا: “تعالّ! من سمع فليقل: تعال! ومن كان عطشانَ فليأتِ، ومن كانت له الرغبة فليستقِ ماءَ الحياةِ مجّانا” (رؤيا 22/17).
إن غاية الافخارستيا هي تتميم ما طلبه المخلص عندما وجه لنا الدعوة لنتناوله في سر الافخارستيا: “إذا لم تأكلوا جسدّ ابنِ الإنسان وتشربوا دمه فلن تكون فيكم الحياة” (يو6/53) حياتنا إذن مرتبطة بهذا الغذاء النازل من السماء “أنا الخبز الحي النازل من السماء”. والكنيسة تؤمن بأن يسوع أقام هذا السر العظيم لكي تستمر ذبيحة الصليب حاضرة في عالمنا وهي عندما تقيم هذه الذبيحة تحقق قصد يسوع بمشاركتنا ملكوته السماوي “أنا أوليكم الملكوت كما وَلاّنيهِ أبي، فتأكلون وتشربونَ على مائتي في ملكوتي” (لو22/29) كما أن الكنيسة تعتقد بأن المناولة المقدسة هي تحقيق لهذا الوعد.
لكن المناولة تتطلب استعدادا فائقا وضميرا طاهرا ونية حسنة وتوبة حقيقية والمطلوب منا هو أن نتقدم إلى المائدة المقدسة بتواضع ومخافة ومحبة إذ أننا مهما فعلنا من حسنات لا نستحق هذه النعمة كما نقول في صلاتنا قبل المناولة: “يا رب إني لستُ مستحقا أن تَدخلَ تحت سقف نفسي..” والقديس بولس يوضح هذا عندما يقول: “مَن أكلَ وشربَ وهو لا يرى فيه جسد الرّب، أكل وشرب الحُكمَ على نفسه” (1كور11/29).
عندما نصلي “أعطنا خبزنا كفاف يومنا” نعني أننا نطلب الخبز الحقيقي الذي هو خبز الحياة، خبز الشركة والوحدة لأن “من يأكل هذا الخبز يحيا إلى الأبد” (يو6/51) لذا علينا أن نتهيأ ونتوب باستمرار ليكون نصيبنا من هذا الخبز وافرا فنحصل على البرارة ونسير في طريق القداسة.