أسرار الكنيسة: سلسلة عن الأسرار للمطران عصام درويش
الجزء السابع عشر: سر التوبة
روما، الاثنين 18 أبريل 2011 (Zenit.org) – “افتح لي أبواب التوبة، يا واهب الحياة، لأن روحي تبتكر إليك يا ألله..” هذه الصلاة التي نرددها مرارا في زمن الصوم هي صرخة يُصعدها الإنسان من أعماق قلبه لكي يعود بنعمة الروح القدس ويحيا مع الله، فالشرط الأساسي للحصول على ملكوت الله هو التوبة “توبوا فقد اقترب ملكوت السماوات” (متى 4/17). بكلمة أخرى يصرخ الإنسان ويطلب أن يتحرر من العبوديات التي تتراكم يوما بعد يوم في حياته، ومن غيرُ ذاك الذي غلب الموت بقيامته من الموت يستطيع أن يحرره من نير خطاياه وكثرة تعثراته كما يقول القديس بولس “إن الله الواسعَ الرحمة، وقد أحبَّنا حُبّا شديداً، أحْيانا معَ المسيحِ، وكُنّا أَمواتاً من جَرّاءِ زلاَّتنا” (أفس2/4).
يعود أصل كلمة توبة إلى اللغة اليونانية وتعني تغيير الذهن والقلب والإرادة، وهي عودة إلى الآب، أي إلى حالة النعمة التي اكتسبناها في معموديتنا والتي فيها لبسنا المسيح ومُسحنا بمواهب الروح القدس. إن الذي يبتعد عن الله الخالق يشعر في داخله بغربة موحشة وكأنه يعيش في منفى ولنا في مثل الابن الشاطر مثال بليغ على الإنسان الذي يترك بيته الوالدي ويسافر إلى بلد بعيد أي إلى المنفى حيث يُبذّر كل ما يملك، أي أنه يتخلى بمحض إرادته عن كل النعم التي جعلته ابنا لله ووارثا لملكوته.
هذه التوبة لا تعني الندم الآني عن خطيئة فعلناها بإرادة أو بغير إرادة، إنما تعني تغييرا في فهم أبعاد حياتنا المسيحية والعودة إلى روح الإنجيل. التوبة تعني بأن نبدأ بالشعور بأننا دنّسنا طهارة علاقتنا بالله وشوهنا جمال روحنا وأضعنا شيئا ثمينا كنا نمتلكه وابتعدنا عن وجودنا وكياننا ثم نُبدي رغبة في العودة إلى بيتنا الأبوي ووطننا الذي أضعناه بالابتعاد عن الله، نُغيّرُ ذهننا ومفاهيمنا الخاطئة لنعيش من جديد حياة جديدة مع الله.