بمناسبة تطويبه: الحبر الراحل (يوحنا بولس الثاني) بين تجليات التطويب وإستحقاقات الفرادة

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

بقلم: سعادة سفير جمهورية العراق لدى الكرسي الرسولي

السيد حبيب محمد هادي الصدر

 روما، الأربعاء 20 أبريل 2011 (Zenit.org) – . – ست سنوات غيَّبك الثرى عن محبيك وما فتأ ذكراك (أيها الأقدس الراحل) تكتظ به مسارب النفوس ويردده فم الزمان. وها هي وصاياك السديدة ونفحاتك الزاكية لم تغادر ذاكرة تلك الاعوام الخوالي التي شكّلت لمعتنقي الأديان السماوية كافة وحتى يومنا هذا خارطة عمل ومشكاة طريق. فيما أناملك الحانيات تذكرنا كيف دأبت على توزيع الحب وإبتكار الأمل للاقربين والابعدين أما أشواطك المضنيات فما إجتزت قفارها إلا متدرعاً  بإيمانك ومستهدياً بفكرك الحصيف ومستعيناً بصفحك المبهر.

  فمن غيرك يمنح عفوه على من أراد الفتك به؟

  ومن سواك إعتذر لليهود عما لحق بهم في القرون الوسطى وعلى يد النازيين في ثلاثينيات القرن الماضي؟

 وهل أنبأنا التاريخ عن حبر أعظم جاب المعمورة ليتفقد أحوال رعيته في (104) رحلة خارجية حتى لقبوك (بالبابا الرحّال)؟!

  ثم هل تحدث أحد عن بابا قام بعد (450) عاماً بدخول أول كنيسة (أنكليكانية)؟!

 وعن أول أقدام لبابا في التاريخ وطأت أول مسجد للمسلمين ولامست شفتاه القدسيتان صحائف مصحف شريف؟!!

     تلكم ـ لعمري ـ شذرات من مواقف تؤرشف لفرادة بابوية لم يتلمس التاريخ نظيراً لها على إمتداد حقبه وأزمانه. حقاً … لقد إجتمع في قداستك ما تفرق في غيرك … نبالة من الشمائل، ضلاعة في الحقول المعرفية، حنكة قيادية، نأي عن كل تعصب وإنحياز، جرأةً وصلابة في إتخاذ القرارات وإرادة مقدامة لم يعترها يوماً تردد أو نكوص. وعلى ثقل ما حملت من أعباء وهموم المحرومين وما عاصرته من تنابذ الاهواء وطغيان المصالح وجفاف القلوب ما رآك أحد إلا سبّاقاً إلى إبتسامة مضيئة لم تفارق طمأنينة نفسك الواثقة. وكأني بقداستك تجيل الطرف في عالمك المأزوم فكنت أول الداعين إلى إصلاحه بنظام عالمي جديد يستند الى منظومة أخلاقية تشكل إطاراً للتواصل والتفاعل بين الأمم والأديان والحضارات وصولاً الى أسرة دولية متفاهمة يحترم بعضها البعض الآخر ويقدر خصوصياته ويبادله الرغبة في نبذ التطرف والعنف ومواجهة التحديات المشتركة.

   وشاءت إرادة الله الذي إختارك لعليائه أن يقيض للخلائق من بعدك أباً أقدساً نسج على منوالك. وابتدأ مشواره من حيث انتهيت انت ولم يدع قاصياَ ولا دانياً إلا وأفرد له نصيباً من حقل ودادك الفسيح الا وهو قداسة البابا (بندكتس السادس عشر) الذي هو اليوم معقد الامال ومحط الانظار ومشروع للعطاء لا يكل غطى وجه العالم من اقصاه الى اقصاه.

     وجئناك اليوم (ايها الراحل العظيم) في يوم تطويبك نجيل الطرف في ميادين ما أنتجه فكرك الخلاق وما أبدعته أناملك المعطاءة فما وجدنا إلا ثمراً يانعاً هو من غرسك وبريقاً قدسياً أخاذاً هو بعض من إشراقاتك. فسلام عليك يوم ولدت مسربلا بالنور ويوم رحلت الى الرفيق الاعلى تتهادى بنفسك أفواج الملائكة ويوم تبعث حيا مع القديسين والصديقين.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير