رسالة البابا إلى المدينة والعالم لمناسبة عيد الفصح

“في قيامتك، أيها المسيح، تبتهج السماء والأرض”

Share this Entry

الفاتيكان، الأحد 24 أبريل (Zenit.org). – إذاعة الفاتيكان –  ترأس البابا بندكتس الـ16 صباح اليوم الأحد في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان، قداسا احتفاليا مهيبا لمناسبة عيد قيامة السيد المسيح من الموت، الذي تحتفل به هذه السنة الكنيستان الأرثوذكسية والكاثوليكية على حد سواء. عاون البابا الكاردينال رافايليه فارينا مدير المحفوظات الفاتيكانية السرية وحافظ المكتبة الرسولية الفاتيكانية، والكاردينال جان لوي توران رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان.

لم يلقِ البابا عظة للمناسبة إنما وجه رسالة تهنئة إلى مدينة روما والعالم في ختام القداس، إذ أطل من على شرفة البازيليك الفاتيكانية وقد استوى على كرسي العرش وتلا الرسالة التي أعرب فيها عن قلقه من تأزم الأوضاع في الشرق الأوسط وفي ليبيا وساحل العاج وغيرها من الدول، ووجه تهانيه بلغات كثيرة بينها العربية والعبرية والآرامية السريانية والمالطية والإندونيسية. ثم منح بركته الرسولية مدينة روما والعالم. قال البابا:

أيها الأخوة والأخوات الأعزاء في روما والعالم كله!

تُعِيد صبيحة عيد الفصح على مسامعنا الإعلان القديم والجديد دائما: “المسيح قام!” إن صدى هذا الحدث الذي انطلق من القدس لعشرين قرنا مضى يدوي دائما في الكنيسة التي تحمل في قلبها إيمان مريم أم يسوع وإيمان المجدلية والنساء الأخريات اللاتي رأين قبل غيرهن القبر فارغا وإيمان بطرس والرسل الآخرين.

إن إيمان المسيحيين ـ حتى في عصرنا الذي تميزه تعددية وسائل الإعلام التكنولوجية ـ يستند إلى هذا الإعلان وإلى شهادة الأخوات والأخوة الذين رأوا قبل غيرهم الحجر مدحرجا والقبر فارغا ومن ثم قيامة يسوع الذي ظهر لمريم المجدلية ولتلميذي عماوس ومن ثم للرسل الأحد عشر المجتمعين في العلية.

قيامة المسيح ليست ثمرة عملية استغلال أو خبرة سرية، إنها حدث يتخطى التاريخ ويحدث في لحظة دقيقة من التاريخ ليترك أثرا لا يمّحى. النور الذي أبهر حراس القبر عبر الزمان والمكان. إنه نور مختلف، نور إلهي اخترق ظلمة الموت وحمل إلى العالم رونق الله ورونق الحقيقة والخير.

وكأشعة الشمس في الربيع التي تفتّح براعم أغصان الأشجار هكذا هو شعاع قيامة المسيح الذي يعطي قوة ومعنى للرجاء البشري، لكل انتظار ورغبة ومشروع. ولهذا فإن الكون بكامله يبتهج اليوم في ربيع الإنسانية التي تمجد الخليقة. “هللويا” الفصح تدوي في الكنيسة السائرة في العالم وتعبّر عن فرح الكون وعن شوق كل روح بشري منفتح على الله ومقرّ بطيبته وجماله وحقيقته اللامتناهية.

“في قيامتك، أيها المسيح، تبتهج السماء والأرض”. على هذه الدعوة التي ترتفع اليوم من قلب الكنيسة ترد السماوات ويتحد القديسون والطوباويون والملائكة بفرحنا. كل شيء في السماء سلام وفرح لكن الأمر ليس على هذا النحو على الأرض! إذ إن هللويا الفصح في عالمنا تواجه الصرخات المنطلقة من أوضاع مؤلمة كالفقر والجوع والأمراض والحروب وأعمال العنف. ولهذا بالذات مات المسيح وقام من بين الأموات! مات بسبب خطايا اليوم وقام لفداء تاريخنا. ولهذا فإن رسالتي اليوم تريد أن تصل إلى الجميع كإعلان نبوي وخصوصا إلى الشعوب والجماعات المتألمة كي يفتح يسوع القائم من بين الأموات أمامهم درب الحرية والعدالة والسلام.

فلتبتهج الأرض التي سطع عليها نور القائم من بين الأموات وليصل هذا النور شعوب الشرق الأوسط كي ينتصر نور السلام والكرامة البشرية على ظلمة الانشقاق والبغض والعنف. وليحل الحوار والدبلوماسية في ليبيا محل الأسلحة وليعمل الجميع، في أوضاع النزاع الحالية، على إيصال المعونات الإنسانية للمتألمين من جراء الصدام. وليعمل جميع المواطنين في بلدان أفريقيا الشمالية والشرق الأوسط ـ وخصوصا الشباب ـ من أجل الخير المشترك وبناء مجتمع يُهزَم فيه الفقر كي يكون كل خيار سياسي مستوحى من احترام الشخص البشري. وليصلْ تضامن الجميع إلى اللاجئين القادمين من مختلف البلدان الأفريقية والمجبرين على ترك أقاربهم، ولينر الله قلوب البشر ذوي الإرادة الطيبة على روح الاستضافة كي يتجاوبوا بشكل تضامني مع احتياجات أخوة كثيرين. وليصل تضامننا وتقديرنا إلى جميع الذين يسعون بجهود سخية ويقدمون شهادات في هذا الاتجاه.

الأمل أن يتلاحم التعايش المدني بين سكان شاطئ العاج حيث هناك حاجة ملحة لمسيرة مصالحة ومسامحة لعلاج الجروح العميقة وليدة أعمال العنف الأخيرة. ولتجد العزاءَ والرجاءَ أرضُ اليابان، فيما تواجه نتائج الهزة المأساوية الأخيرة، والبلدانُ التي أصابتها في الأشهر الماضية كوارث طبيعية زرعت الألم والقلق.

ولتبتهج السماوات والأرض لشهادة المتألمين من جراء الاضطهاد بدافع إيمانهم بالرب يسوع. وليبعث فيهم إعلانُ قيامة المسيح الظافرة الشجاعةَ والثقة.

أيها الأخوة والأخوات الأعزاء! المسيح القائم من بين الأموات يسير أمامنا نحو سماوات جديدة وأرض جديدة حيث سنعيش جميعا كأسرة واحدة، وأبناء لأب واحد. الله معنا حتى نهاية الأزمنة. نسير وراءه في هذا العالم المجروح مُنشدين هللويا. في قلبنا فرح وألم وعلى وجهنا بسمات ودموع. هذا هو الواقع الأرضي لكن المسيح القائم من بين الأموات حيٌّ يسير معنا. ولهذا ننشد ونسير أمناء لالتزامنا في هذا العالم وعيوننا متجهة نحو السماء.

فصح مجيد للجميع!

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير