تابع الأب الأقدس يقول إن البشرى السارة التي كُلّفنا بإعلانها لرجال كل الأزمان واللغات والثقافات، يمكن تلخيصها ببضع كلمات: الله، خالق الإنسان، يُظهر لنا من خلال ابنه يسوع حبّه للبشرية: “الله محبة”، وهو يريد خير جميع أولاده.
أضاف الحبر الأعظم يقول إن البشارة الجديدة التي التزمت بها الكنيسة بعزم منذ المجمع الفاتيكاني الثاني تتطلب من جميع المسيحيين أن “يردوا على من يطلب منهم دليل ما هم عليه من الرجاء” (1 بط 3، 15) مدركة أن أحد الحواجز المخيفة لرسالتنا الراعوية هي جهل محتوى الإيمان الذي يُولد في الأجيال الجديدة عدم المقدرة على فهم التاريخ والشعور بأنهم ورثة لهذا التقليد الذي صنع الحياة والمجتمع والفن والثقافة الأوروبية. يمكن للبشارة الجديدة أن تكون فعالة إن أشركت بعمق الجماعات والرعايا. فعلامات الحيوية والالتزام للمؤمنين العلمانيين في المجتمع الفرنسي هي حقيقة مشجعة، إنهم وجه العالم في الكنيسة، ووجه الكنيسة في العالم في الوقت نفسه.
تابع البابا يقول أنه لا يمكن للكنيسة في أوروبا وفرنسا أن تبقى غير مبالية أمام انخفاض عدد الدعوات والسيامات الكهنوتية، لذا فمن المُلحّ أن تجنّد جميع الطاقات المتوفرة ليتمكن الشباب من الإصغاء إلى صوت الله. وأضاف: الشباب هم رجاء مستقبل الكنيسة والعالم، لذا لا أريد أن أغفل عن ذكر أهمية التربية الكاثوليكية، فهي تحقق مهمة رائعة، غالبا ما تكون صعبة، ولكنها ممكنة بفضل إخلاص المربين الذي لا يكل: كهنة، مكرسين وعلمانيين. ثابروا في تشجيعهم وتقديم أفق جديدة لهم لكي يستفيدوا هم أيضا من البشارة.
تابع الأب الأقدس يقول إن المؤسسات الكاثوليكية هي بالطبع في المركز الأول في الحوار بين الإيمان والثقافة. إنها أماكن تعليم وحوار، كما وهي مراكز بحث يجب تنميتها باستمرار. أما بالنسبة للمدارس الكاثوليكية التي صنعت الحياة المسيحية والثقافية في بلادكم، فهي تحمل اليوم مسؤولية تاريخية. إن البشارة الجديدة تمر من خلال هذه المدارس ومن خلال عمل التربية الكاثوليكية المتعدد الأشكال، والذي يدعم مبادرات وحركات عديدة تعترف بها الكنيسة. فالتربية على القيم المسيحية تعطي بلدكم مفاتيح الثقافة، وبانفتاحها على الرجاء والحرية تستمر في منحه الحيوية والإبداع.
ختم الحبر الأعظم كلمته بالقول أكِلُكُم وعملكم الراعوي مع جماعاتكم الموكلة إليكم إلى عناية العذراء مريم الوالدية التي سترافقكم في رسالتكم في السنوات المقبلة، وكما أكدت لكم قبل مغادرتي لفرنسا عام 2008: “من روما، سأبقى قريبا منكم، وسأفكر بكم في كل مرة أقف فيها أمام مزار مغارة لورد في حدائق الفاتيكان. ليبارككم الرب”.