بعدها انتقل بندكتس السادس عشر للحديث عن التحديات المطروحة في عالم اليوم وفي مقدمتها التربية، ولفت إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي في عالمنا المعاصر تميل نحو استبدال الفسحات الطبيعية في المجتمع والتواصل الطبيعي بين البشر، وغالبا ما تصبح المصدر الوحيد للمعلومات والمعرفة. وإزاء هذا السيناريو لا تبدو العائلة والمدرسة الأرض الخصبة التي تنمو فيها الأجيال الفتية. وهناك اليوم أشخاص كثيرون ـ مضى البابا يقول ـ يبحثون عن النجاح السريع والسهل بغية الحصول على مكانة اجتماعية ومهنية هامة. وهذا يعود إلى عجز العالم المعاصر والمسؤولين البالغين عن تقديم مرجع أساسي للأجيال الناشئة.
هذا واقتبس الحبر الأعظم كلمات لسلفه السعيد الذكر البابا لاوون الثالث عشر الذي أكد أن “الكرامة الحقيقية للإنسان وتميزه موجودان في عاداته، وفي فضيلته: فالفضيلة هي الإرث المشترك للبشر وهي متاحة للجميع، للصغار والكبار، للفقراء والأغنياء”. من هذا المنطلق حث البابا بندكتس السادس عشر الحكومات على الإسهام بشجاعة في تقدّم وتطور البشرية من خلال تعزيز تربية الأجيال الناشئة كي تكون الأنتروبولوجيا ركيزة للتربية الأصيلة وتتماشى مع الإرث الطبيعي المشترك وهذا الأمر يتطلب التفكير المعمق بالمشاكل الراهنة في المجتمعات.
بعدها دعا البابا حكومات الدول المعنية للعمل على تعزيز السلطة الخلقية التي هي ضرورة ملحة في مجال تربية الأجيال الطالعة. وأكد الحبر الأعظم أنه يجب ألا يُحرم أي كائن بشري من الحق في التربية على القيم الصحيحة، كما ينبغي ألا تقف المصالح السياسية عائقا أمام واجب توفير التربية للجميع. لذا فمن الأهمية بمكان أن يُربى الأشخاص على الحقيقة وفي إطار الحقيقة. ولفت الأب الأقدس إلى أن مستقبل البشرية كلها يعتمد على علاقة الأطفال والشبان بالحقيقة: حقيقة الإنسان، حقيقة الخلق، حقيقة المؤسسات، الخ. وتابع يقول: الصغار يحتاجون اليوم إلى هذا النوع من التربية أكثر من أي وقت مضى. لا بد أن يتعلموا أن كل عمل يقوم به البشر ينبغي أن يكون عملا مسؤولا ومتطابقا مع طوقهم للامتناهي.
بعدها عبر قداسة البابا للسفراء الستة الجدد عن تحياته القلبية للأساقفة ومؤمني الجماعات الكاثوليكية في الدول التي يمثلونها. وأكد أن الكنيسة تؤدي رسالتها في إطار الأمانة لربها، تحركها رغبة الإسهام في التنمية المتكاملة للمواطنين، لاسيما من خلال تربية الأطفال والفتيان. إنها تشارك يوميا في الجهود المشتركة من أجل التفتح الروحي والإنساني لدى الجميع، بواسطة مؤسساتها التربوية، الخيرية والصحية وتحرص على إيقاظ الضمائر على الاحترام المتبادل والمسؤوليات. من هذا المنطلق ـ ختم البابا قائلا ـ أشجع حكومات الدول على السماح للكنيسة بالعمل بحرية في المجالات التقليدية لنشاطها التي تساهم من خلالها في نمو البلاد وتحقيق الخير العام. هذا ثم تمنى الحبر الأعظم لضيوفه أن تتكلل مهامهم بالنجاح، مؤكدا استعداد الكوريا الرومانية للتعاون معهم، ومنح السفراء الستة الجدد وعائلاتهم ومعاونيهم فيض بركاته الرسولية.