تابع الأب الأقدس يقول بحسب عادة بدأها الطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني، نحتفل بعيد الدنح أيضا كيوم للسيامة الأسقفية لأربعة كهنة يعاونون الأب الأقدس ، من اليوم فصاعدا بمهام متعددة، في خدمته من أجل وحدة كنيسة يسوع المسيح في تعدد الكنائس الخاصة. والرابط بين السيامة الأسقفية ومسيرة حج الشعوب نحو يسوع المسيح واضح جدّاً، فدور الأسقف لا يكمن فقط بالسير في هذا الحج مع الآخرين، بل بتقدّمهم والإشارة إلى الدرب الذي يجب سلوكه.
أضاف البابا يقول أود في هذا الاحتفال الليتورجي أن أتأمل معكم حول شخصيات هؤلاء الرجال الذين، وبعد أن رأوا علامة النجم، ساروا ليجدوا ذلك الملك الذي أسّس ملوكيّة جديدة ليس لشعب إسرائيل فقط بل للبشرية بأسرها. إن الرجال الذين انطلقوا نحو المجهول كانوا رجالا يدفعهم البحث عن الله وخلاص العالم. كانوا يبحثون عن الحقيقة الأكبر. كانوا رجالا يتحلون بمعرفة كبيرة حول الكواكب وملمّين أيضا بعلم الفلسفة. ولكن لم تهمهم معرفة الأمور فقط لأنهم كانوا يبحثون عن معرفة الجوهري، ولذلك أرادوا أن يكتشفوا وجود الله وجوهره، إن كان يهتم لأمرنا وكيف يمكننا أن نلتقيه، لم يبحثوا عن المعرفة فقط، بل أرادوا أن يعترفوا بالحقيقة حول الإنسان والله والعالم. ومسيرتهم الخارجية هذه هي تعبير لمسيرة قلوبهم الداخلية.
تابع الأب الأقدس يقول: بهذا نصل إلى السؤال: كيف يجب أن يكون الرجل الذي يسام أسقفا في كنيسة يسوع المسيح؟ يمكننا القول أولا: عليه أن يكون رجلا يتوجه اهتمامه نحو الله، على الأسقف أن يكون رجلا يحمل هموم الناس في قلبه، وتلمسه حياتهم، يجب أن يكون رجلاً من أجل الآخرين، يجب أن يتملّكه اهتمام الله بالبشر، أي عليه أن يفكر ويشعر مع الله. وهذا ما نقصده عندما نقول على الأسقف أن يكون خصوصا رجل إيمان، لأن الإيمان ليس إلا أن يلمس الله قلوبنا. وفي مسيرة الحج هذه على الأسقف أن يسير في الطليعة، ويدل البشر على الطريق نحو الإيمان والرجاء والحب.
أضاف الحبر الأعظم يقول إن مسيرة حج الإيمان الداخلية نحو الله تتم خاصة بالصلاة، لذا على الأسقف أن يكون رجلا يصلّي. عليه أن يعيش باتصال داخليّ مستمر مع الله، عليه أن يحمل إلى الله صعوباته وصعوبات الآخرين، أفراحه وأفراح الآخرين، وهكذا وبطريقته الخاصة، يقيم علاقة بين الله والعالم بالشركة مع المسيح، ليضيء نور المسيح في العالم.
تابع الحبر الأعظم يقول لقد تحلّى المجوس بالشجاعة، شجاعة الإيمان وتواضعه. يمكننا أن نتصور أن قرار هؤلاء الرجال قد عرضهم للسخرية: فالذي ينطلق بناء على وعود غير مضمونة، مخاطراً بكل شيء لا يمكن إلا أن يصبح أضحوكة. وإنما بالنسبة لهؤلاء الرجال الذين لمسهم الله في قلوبهم كانت المسيرة بحسب التعليمات الإلهية أكثر أهمية من رأي الناس. وأضاف أن الشجاعة في معارضة التوجيهات المهيمنة هي اليوم من واجبات الأسقف الملحّة. عليه أن يكون مقداما، شجاعا وشجاعته تلك لا تقوم على العنف والعدوانية، وإنما بالتواضع وبمواجهة معايير هذه الأفكار المسيطرة.
أضاف البابا لقد تبع المجوس النجم ووصلوا إلى يسوع، النور الكبير الذي أتى إلى العالم وينير كل إنسان (يوحنا 1، 9). وكحجاج إيمان ، أصبح المجوس نجوما ساطعة في سماء التاريخ يرشدوننا إلى الطريق. القديسون هم كواكب الله الحقيقيون الذين ينيرون ليالي هذا العالم ويقودوننا، والقديس بولس في رسالته إلى أهل فيليبي يدعو المؤمنين ليضيئوا كالنيّرات في الكون (فيل 2، 15).
وختم الأب الأقدس عظته بالقول إن هذه الدعوة تخصنا، وتخصكم بشكل خاص أنتم الذين ستصبحون أساقفة في كنيسة يسوع المسيح. إذا عشتم مع المسيح، تصبحون أنتم أيضا بدوركم حكماء، وتصبحون نيرات تتقدم البشر ويرشدونهم إلى طريق الحياة الصحيح. نصلي اليوم جميعنا من أجلكم، لكيما يملأكم الرب من نور الإيمان والحب، ولكي يلمسكم اهتمام الله بالبشر فيختبروا جميعهم قربه وينالوا عطية فرحه. نصلي من أجلكم كي يمنحكم الرب دائما شجاعة الإيمان وتواضعه. ونرفع الصلاة إلى مريم التي أظهرت للمجوس ملك العالم الجديد، لكي تظهر يسوع المسيح لكم أنتم أيضا وتساعدكم لتكونوا علامات تشير للطريق الذي يقود إليه.