تشهد ظاهرة الهجرة اليوم تغيراً ملحوظاً، ففي إيطاليا مثلاً شهد تدفق المهاجرين انخفاضاً ملحوظاً بسبب الأزمة الاقتصادية التي تجعل هذا البلد أقلّ استقطاباً للمهاجرين. في المقابل، إنّ عدد الكهنة الأجانب الذين يقصدون البلدان غير الأوروبية يشهد ارتفاعاً مستمراً كما أنّ نظرة الإيطاليين إلى المهاجرين أصبحت أكثر إيجابية.
هذه الجوانب هي بعض الجوانب التي شددت عليها مؤسسة “مغرانتيس” وذلك صباح يوم الأربعاء 9 يناير خلال مؤتمر صحفي مع راديو الفاتيكان بمنسابة اليوم العالمي للمهاجرين واللاجئين الذي سيقام في 13 يناير القادم.
أدار النقاش رئيس الأساقفة دومينيكو بومبيلي، الناطق باسم المجلس الأسقفي الإيطالي والذي ذكّر بمبادئ الكنيسة الخاصّة بـ”حق الهجرة” وحق كلّ فرد “في العيش في وطنه”.
وقد أضاف قائلاً أنّ هذه الأهمية التي تعيرها الكنيسة لهذا الموضوع هي في الوقت نفسه “روحية وثقافية ومرتكزة على التعاون”.
وقد ذكّر رئيس مؤسسة “مغرانتيس”، رئيس الأساقفة باولو سكيافون بالإعلان اللاتيني القديم “Homo viator, spe erectus” والذي يعود إلى طبيعة حج الإنسان والذي بان انطلاقاً من الكتاب المقدس: آدم الذي طرد من جنة عدن، ابراهيم الحاج الطوعي وموسى الذي حوّل شعب إسرائيل إلى شعب حاج يقطع صحراء السيناء.
وقد أضاف قائلاً أنّ الله قد أصبح حاجاً بدوره: “عندما تبع شعبه ومن خلال المسيح يرافق شعبه طوال مسيرته التي تتخطى البعد الإلهي المحتم والتي تجدد باستمرار الوعي بأنّه ما من مكان على الأرض سيصبح يوماً وجهة قطعية”.
إنّ الصعوبات التي تواجهها الهجرة والتي لا يمكن تفاديها تعود إلى القسم الثاني من طبيعة الإنسان المبني على الرجاء. وقد أشار رئيس الأساقفة سكيافون أنّ يسوع يسمح لنا دائماً بتخطّي هذه الصعوبات بدون أن نفقد الأمل مثلما حصل مع تلامذة عماوس.
وبالعودة إلى رسالة البابا بندكتس السادس عشر بمناسبة ذكرى اليوم الـ99 العالمي للمهاجرين واللاجئين، شدد رئيس مؤسسة مغرانتيس على الاهتمام القديم الذي تعيره الكنيسة لواقع الهجرة هذا “بالتعاون مع جميع الأشخاص الراغبين بالمساعدة” كما أنّ الكنيسة على دراية بالقدرة وبالموارد الهائلة التي يحملها المهاجرون.
المهاجرون هم مورد إقتصادي للبلاد وذلك بفضل الأموال التي يعودون بها إلى بلادهم وهو يعتبرهم “سفراء ممتازين للقيم مثل الحرية والديمقراطية” وتنقّلهم جعل منهم “ناقلات جيدة للحوار ولإعلان الرسالة المسيحية”.
أمّا في ما يخصّ حقوق المهاجرين في البلد الذي يستقبلهم، فقد توقّف المدير العام لمؤسسة ميغرانتس، رئيس الأساقفة جيانكارلو بيريغو، عند تعليم المجمع الفاتيكاني الثاني حول موضوع الهجرة مذكراً بحق المهاجر بعدم اضطهاده وبالتمتع بحماية عادلة في مكان عمله وهذا ما شدد عليه المنشور البابوي Gaudium et spes.
علاوة على ذلك، ركّز رئيس الأساقفة بيريغو على جانب معيّن وهو: الحصول على الجنسية الإيطالية، والذي يتمنّى أن تقيّد الأوقات البيروقراطية من 10 وحتى 5 سنوات وأن يمدّد معيار الIus soli مكان الIus sanguinis الحالي والذي يتضمن “واقع الإقصاء والتمييز الاجتماعي لحوالى 650 ألف طفل ولدوا في إيطاليا من والدين مهاجرين”.
وقد شرح المدير العام لمؤسسة المهاجرين أنّ إصلاح قانون المواطنية هو واجب للالتزام بالمعايير الأوروبية والاستجابة إلى مبادئ اتفاقية نيويورك حول حقوق الطفل للعام 1989 والتي صدّقت عليها إيطاليا في العام 1991.
إلّا أنّ الموافقة على مثل هذا الإصلاح لن يكون سهلاً وهذا ما حذّر منه رئيس الأساقفة بيريغو لأنّ أمام البرلمان اليوم “23 اقتراحًا مختلفًا لا يملك أيّ منهم وحدة على الصعيد السياسي”.
وفي نهاية المؤتمر سجّل وزير الصحة الإيطالي ريناتو بلدوزي مداخلة تدعم امتنان الحكومة “للانتباه الذي تعيره الكنيسة الإيطالية إلى ظاهرة الهجرة”.
وقد ذكّر الوزير بأنّه قبل حلول الميلاد بقليل، تمّ توقيع اتفاق الدولة-المناطق الذي وضعته الخدمات الصحية الوطنية في متناول المهاجرين.