تبقي قضية زيارة القدس حجر عثرة، هل هي تطبيع أم لا؟ لاسيما وأن بابا الكنيسة القبطية الاثوذكسية الجديد "تاوضروس الثاني" يبدو أنه يسير على خطى البابا شنودة في رفض زيارة الأقباط للقدس.. هل الزيارة بالفعل تطبيع؟
حينما يأتي مسيحيون من العالم العربي على نحو خاص لزيارتنا فإن هذا بالنسبة لنا يعني أن الأقلية في الأرض المقدسة ليست منسية أو متروكة لوحدها بل أن أخوة لنا من العالم يدعموننا أدبياً.
وجود الحجاج العرب بجانبنا يعطينا دفعا ورفعا لمعنوياتنا ورسالتي وندائي لا تتركونا وحدنا في الميدان، تعالوا وزورونا، ولا أظن أن هذا تطبيع، أنها زيارة للأخ السجين تحت نير الاحتلال، وفرق بين هذا وبين السعي لإقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل، وهذا معنى كلمة تطبيع.
هل الربيع العربي، والذي يراه البعض شتاء إسلاميا يعني بالضرورة هجرة المسيحيين العرب من العالم العربي والشرق الأوسط؟
الربيع العربي عندما أنطلق من تونس طالب بالعدالة والحرية والكرامة ولم يكن موجهاً لا ضد أمريكا أو إسرائيل، وإذا رجعنا لمقررات سينودس أساقفة الشرق الأوسط في 2010 الذي انعقد في الفاتيكان سنجد هناك خطا رفيعا جداً بين ما جاء فيها وطلبات الشباب العربي، لكن ومن سوء الحظ أن مصالح عالمية سياسية تدخلت لاحقا أفسدت أجواء هذا الربيع.
اما المسيحيون العرب فقد كانوا في القلب منه كما الأقباط في مصر ولهم شهداء في التحرير وفي ماسبيرو، وهم مدعوون لتعزيز قيم هذا الربيع لا لترك بلادهم وسرقة استحقاقات ثورات الحرية.
كيف ترى دعوات بعض الدوائر الغربية لفرض حماية على الأقليات العربية المسيحية؟
نحن لا نسعى ولا نطلب حماية من أحد، نحن جزء أصيل من هذه الأرض، عاش أباؤنا وأجدادنا عليها آلاف السنين، وهي مليئة بشهدائنا ومقدساتنا وندافع عن حضورنا فيها بتضافر جهودنا مع أخواننا المسلمين لخلق مجتمعات يعيش فيها الإنسان بكرامة بغض النظر عن دينه ولونه وجنسه.
حل ميت رومني ضيفا على إسرائيل أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية الأمريكية، وفاز أوباما.. ما هي رسالتكم للأخير؟
نعم مر رومني عندنا في القدس وأقاموا له حفل عشاء كلف كل شخص شارك فيه خمسين ألف دولار مساهمة في حملته، وقلنا أن هذا تدخل واضح في انتخابات بلد ثان ليس لنا دخل فيه.
أما أوباما فأقول له أقرأ ما قلته من قبل في يونيو 2009 بجامعة القاهرة وحاول أن تنفذ ما وعدت به في أيامك الأولى من الولاية السابقة وسنكون لك من الشاكرين.
المؤسسة الكاثوليكية الأمريكية رغم نفوذها ومواقفها الإيجابية العادلة من القضايا العربية كما في الحالتين العراقية والفلسطينية.. رقم مهمل في حسابات الساسة والمثقفين العرب.. أليس في هذا خسارة بالغة؟
هذا صحيح إلى حد بعيد جداً، فقد رفضوا العدوان على العراق، وطالبوا بالدولة الفلسطينية المستقلة، ومؤخرا قام البعض داخلها بالبحث عن حقيقة استخدام إسرائيل للمساعدات الأمريكية بشكل يمتهن حقوق الإنسان الفلسطيني، بما يهدد تلك المساعدات حسب القوانين واللوائح الأمريكية، ونحن نقوم سنويا برحلة أو رحلتين للولايات المتحدة، وفي المرة الأخيرة طلبت من رئيس مؤتمر إساقفة نيويورك مشاركتهم في اجتماعهم القادم، وأخبرتهم أننا لسنا في حاجة إلي مساعدات اقتصادية أو مالية، فقط نريد أن يستمعوا إلينا وإلى عدالة قضيتنا، عوضا عن أن يسمعوا من وسائل إعلام أمريكية معروفة توجهاتها.
هنا أتساءل هل رؤساؤنا يشعرون بهذه القوة الأمركية الكاثوليكية، أشك في ذلك، وفي وقت نعتب فيه على أمريكا لأنها تأخذ جانب الإسرائيلين أبداً ودوما، نحن لا نجيد التعاطي مع الأصدقاء الذين لهم أن يدعمونا مجانا دون تنازلات مالية أو أخلاقية.
تم الاحتفال مؤخرًا بتدشين مركز الملك عبد الله للحوار في فيينا بالنمسا.. هل تعتقدون بأهمية ما للحوار وسط الاضطرابات والقلاقل الأخيرة في الشرق الأوسط خاصة؟
مركز الملك عبد الله فكرة تقدميه تصالحية سلامية، وامتداد لمبادرته للسلام، وتعبر عن نية وإرادة عربية وإسلامية للقاء مع الأخر، والحوار في حقيقة الأمر ليس هدفا في حد ذاته وأنما هو وسيلة للوصول إلي أهداف سامية لخير الإنسان والإنسانية وما الكتب المقدسة والأنبياء سوى حوار بين السماء والأرض، وهذه الأيام نحن نحتفل بالذكري الخمسين لانعقاد المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، الذي كان بداية حقيقية للتحاور بين اتباع الأديان على نحو خاص.
هل من رسالة أخيرة من قبلكم لقادة إسرائيل؟
نقول لهم فكروا بعقلانية أين تقع مصلحة إسرائيل الحقيقية هل في الحرب أم السلام، هل في إزالة الحواجز ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني أم في سجنه بشكل لا إنساني، حكما أن السلام والعدالة هما في صالح كل إنسان له ضمير صالح، ولمن لديه أذنان للسمع فليسمع.