ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي من نافذة مكتبه في الفاتيكان يوم الأحد 11 فبراير 2013.
***
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،
يقدم إنجيل لوقا بحسب ليتورجية اليوم نص دعوة التلاميذ الأولين، بنسخة أصلية مقارنة مع نصوص متى ومرقس (راجع متى 4، 18- 22؛ مرقس 1، 16- 20). في الواقع وقبل دعوة التلاميذ كان يسوع يعظ الجموع، وقام بمعجزة صيد عجائبية، حدثت وفقا لإرادة الرب. (لوقا 5، 1-6) بينما كان الناس يزدحمون على شاطئ بحيرة جنيسارت ليسمعوا كلامه، رأى يسوع أن عزيمة سمعان قد ثبطت لأنه لم يصطد شيئا طوال الليل. سأله أولا إن كان بإمكانه أن يصعد الى مركبه ليعظ الجموع من ثم طلب إليه أن يبتعد قليلا عن البر. ولما اختتم عظته طلب منه أن يتقدم الى العمق ويلقي مع رفاقه شباكهم (راجع الآية 5). أطاع سمعان كلام يسوع واصطادوا كما هائلا من الأسماك. بهذه الطريقة يظهر الإنجيلي كيف نبع التلاميذ الأولون يسوع واثقين به، معتمدين على كلمته، التي تترافق مع علامات خارقة. نلاحظ أن قبل هذه العلامة كان سمعان يتوجه الى يسوع ويناديه “يا معلم” (الآية 5)، ولكن بعدها يناديه “يا رب” (الآية 7). هذه هي تعاليم دعوة الله، التي لا تعير أهمية كبيرة الى صفات المدعوين، بل الى إيمانهم، كإيمان سمعان الذي يقول: “ألقي الشباك إجابة لطلبك.” (الآية 5).
تشير صورة الصيد الى مهمة الكنيسة. يعلق القديس أغسطينس على هذا بالقول: “اصطاد التلاميذ مرتين بناء على طلب الرب: أول مرة قبل الآلام، ومرة ثانية بعد القيامة. تمثل الحالتين الكنيسة الجامعة: الكنيسة كما هي اليوم وكما ستكون بعد قيامة الأموات. هي تحوي اليوم الخيّرين والأشرار ولكن بعد القيامة ستضم الخيّرين فقط.” (Discours 248,1). إن تجربة بطرس، الفريدة من نوعها، هي أيضًا مؤشر على دعوة كل رسول من الإنجيل، الذي لا يجب أن يكل أبدا عن إعلان المسيح للبشر حتى أقاصي العالم. بالإضافة الى ذلك، يدعونا نص اليوم الى التأمل بالدعوة الكهنوتية والحياة المكرسة. هي عمل الله. الإنسان ليس صاحب دعوته، لكنه يستجيب للدعوة الإلهية؛ وإن دعا الله فلا يجب على الضعف البشري أن يخاف. يجب التحلي بالثقة بقوته التي تعمل على وجه التحديد في فقرنا؛ يجب أن نثق دائما أكثر بقوة رحمته، التي تحول وتجدد.
أيها الإخوة والأخوات، فلتحيي كلمة الله هذه فينا وفي جماعاتنا المسيحية الشجاعة، والأمانة، والزخم لإعلان الإنجيل والشهادة له، فلا يقودنا اليأس والصعوبات الى الاستسلام: حري بنا أ، نلقي الشباك بإيمان، والرب يقوم بالباقي. فلنعهد بأنفسنا أيضًا الى شفاعة العذراء مريم، سلطانة الرسل. فهي التي كانت تدرك صغرها، أجابت على دعوة الله بأمانة كاملة: “ها أنذا”. فلنجدد بدعمها الوالدي، رغبتنا باتباع يسوع، المعلم والرب.
***
نقلته الى العربية نانسي لحود- وكالة زينيت العالمية
جميع الحقوق محفوظة لدار النشر الفاتيكانية