اختتم رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران عصام يوحنا درويش عظات الصوم المقدس في كاتدرائية سيدة النجاة في زحلة والتي امتدت على مدى السبوع الأول من الصوم بمشاركة عدد كبير من المؤمنين .
وتحدث سيادته في اليوم الأخير عن علاقة الزحليين بـ ” سيدة النجاة ” ووجود العذراء مريم في الحياة اليومية وقال ” العذراء مريم موجودة في صميم حياتنا وفي قلب إيماننا، ومسيرتها في الحياة هي مسيرتنا أيضا فعظائم الله رافقتها طوال حياتها وهذه العظائم ذاتها رافقت زحلة في أحلك محنها.”
وتحدث سيادته بإسهاب عن تاريخ “سيدة النجاة” وانشاء الكاتدرائية وتسميتها وطرح على المؤمنين مجموعة من الأسئلة :” ماذا تعني لكم سيدة النجاة؟ مركز الإيمان؟ مكان صلاة، ملجأ نعود اليه في شدائدنا؟، حصن لمسيحيي زحلة والبقاع؟، مركز كاثوليكي مهم؟ هل تمثل سيدة النجاة شخصية زحلة والبقاع؟ هل من مسؤولياتها ترسيخ الوجود المسيحي؟ كيف؟ بالانغلاق على الذات أم بالانفتاح والحوار مع الجميع؟،هل كان لها دائما دور وطني؟، هل تسمحون بأن يُهمش دور سيدة النجاة؟ هل تسمحون بالتطاول على سيدة النجاة في بعض الصالونات السياسية والاجتماعية؟ البعض يريد أن يميز بين المطران والمطرانية؟،هل تختزن في تاريخها موروثا روحيا وحضاريا واجتماعيا؟، هل تؤمنون بأن العناية الإلهية ترعى سيدة النجاة؟”
وأضاف درويش ” عام 1960 تعرضت سيدة النجاة للخطر وتهجر مطرانها وفي 31 تموز 1861 عاد المطران اليها ومع الزحليين تجاوز المحنة المريرة، واستعادة سيدة النجاة دورها ويقول المؤرخون (كتاب تاريخ عريق للدكتور خير المر ص 244) زحلة لا تعرف الحياة إلا في ظلّ سيدها.
المطران أغناطيوس ملّوك 1881-1898 تعرض أيضا لما نتعرض اليه اليوم من بعض المغرضين الذين يفتشون عن دور لهم خارج سيدة النجاة، فما كان من ابناء زحلة إلا أن تحلقوا حول اسقفهم وأعادوا إلى سيدة النجاة مكانتها….”
وتابع سيادته ” أنا أردد اليوم ما قاله لنا المسيح: لا تخافوا! نعم لن نخاف .. وما دامت سيدة النجاة تحضننا سيبقى الزحليون أوفياء لسيد النجاة ولمطران سيدة النجاة.”
وفي عظته اشار المطران درويش أن العذراء هي شفيعة لنا ” العذراء تتضامن اليوم مع حاجاتنا، تتشفع بنا، تطلب من ابنها أن يكمل ما ينقصنا، إن الله طيب، محب، لا يردنا خائبين فكيف إذا طلبنا من أمه أن تتشفع بنا؟ إنه يعطي أكثر مما نطلبه ويعطي مجانا وبحب كبير.” ،والعذراء هي جسر بين الله والإنسان ” لقد جمعت مريم العذراء بين أمومتها للمسيح الذي تحقق بفعل الروح القدس وولادة الكنيسة الذي تحقق أيضا بحلول الروح القدس. وهي لا تزال تواصل حضورها معنا في الكنيسة بإرادة من ابنها يسوع المسيح، عندما نذكر أعمال الله الخلاصية، نذكر العذراء، وعندما نبتهل إليه نشرك العذراء في شكرنا وتمجيدنا لله. إنها رمز الكنيسة ورمزٌ لانسكاب الروح القدس علينا لأنها هي أول من تجاوب مع عمل الروح القدس. لهذا نعتبرها قدوة لنا في مسلكنا، في إيماننا ومحبتنا واتحادنا بالله.
إن العذراء هي السُلّم الذي ينقلنا دوما إلى الله والجسر الذي نعبر به من ضعفنا وخطيئتنا إلى نعمة الله”
وختم درويش عظته ” تعلمنا مريم وهي واقفة عند أقدام الصليب، أن ننسى ذاتنا وننظر بصفاء إلى أخوتنا البشر، ونفهم ألم الآخر ونتعاطف معه. لقد قاسمت يسوع ألمه وشاركته صليبه، هكذا يفعل من يحب، يتألم مع المتألمين، يفهم آلامهم، يرأف بهم ويحنو عليهم. إنها دعوتنا المسيحية، لقد أعطانا يسوع أكبر نعمة وهي أن نكون أبناء وبنات العذراء، صارت العذراء أم الكنيسة وأم كل واحد منا. لقد أحبنا فأعطانا أما وطلب منا أن نتخذها مثالا لنا.”