أخوتي أصحاب النيافة والسيادة المطارنة الكاثوليك بمصر،
الآباء القمامصة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات،
وجميع أبناء الكنيسة الكاثوليكية.
سلام ومحبة في الرب يسوع المسيح،
كان قرار قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر مفاجأة كبرى للجميع، خاصة أننا تعودنا أن البابا يظل في خدمته مدى الحياة. ولمزيد من الوضوح، رأينا أن نشرح الأمر حسب تعاليم الكنيسة الكاثوليكية.
1- روحانيات متعددة ومتنوعة في الكنيسة
ارتفعت أصوات كثيرة طالبة من الطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني، في سنوات حياته الأخيرة، عندما وهنت صحته، أن يتخلى عن منصبه، فكان رده من خلال حياته وخدمته: “أن المسيح لم ينزل من على الصليب”. هذه روحانية تسخر الألم في خدمة الرعاية وقيادة الكنيسة، والتضحية بالذات حتى النفس الأخير في سبيلها، ككنز من كنوز الكنيسة الروحية.
فأراد قداسته أن يركز على هذه الروحانية والتي كانت مناسبة لظروف وتحديات وقته. وبالفعل أعطى شهادة بألمه وشيخوخته لا تقل تأثيراً عن شهادته خلال سفرياته الرعوية ونشاطاته.
كذلك قداسة البابا بنديكتوس رأي، بعد صلاة عميقة وفحص ضمير أمام الرب، أن قيادة الكنيسة تحتاج، في عالم يتميز بتغيرات سريعة وتطورات كبيرة، إلى جانب الفكر والروحانية إلى قوة الجسد أيضا لإتمام خدمته كما يجب. فقرر قداسته التخلي عن خدمته بحرية في أمانة كاملة لله وللكنيسة وللخدمة الموكلة إليه.
وهذا أيضا ما حدث مع أبينا المكرم غبطة الكاردينال أنطونيوس نجيب، وكذلك مع من سبقوه من أبائنا البطاركة المكرمين.
هذه الروحانيات المتنوعة هي مدارس في الكنيسة تعبر عن غناها وجمالها، وكلها هبات يمنحها الله لبناء كنيسته، ومن خلالها للعالم، لبناء الأسرة البشرية في الوحدة والتضامن والمصالحة.
2- هل لقداسة البابا أن يتخلي عن منصبه ؟
يتيح القانون الكنسي لقداسة البابا إمكانية التخلي عن منصبه طبقا للقانون (44 بند 2 من مجموعة قوانين الكنائس الشرقية) على أن:
أ- يكون ذلك بحرية (دون ضغط أو جبر أو إكراه من مصدر خارجي).
ب- يعلن عن رغبته هذه كما يجب (بطريقة واضحة ومعلنة).
ج- لا يلزم لقرار التخلي أن يقبله أحد (فقداسته لا يقدم هذا القرار لسلطة أخرى لأنه هو السلطة العليا في الكنيسة)
فالقرار يكون نافذاً بمجرد إعلانه وفي التوقيت الذي يحدده هو بذاته وبمطلق حريته، وهذا ما حدث بالفعل. ونحن إذ نستقبل بكل احترام وإعجاب ومحبة بنوية قراره الشجاع، نعبر له عن امتناننا العميق لكل ما قدمه للكنيسة وللبشرية.
3- تكريس أسبوع صلاة وصوم فى الكنائس
تعيش الكنيسة الكاثوليكية في مصر هذا الحدث، بكل ثقة في الرب الراعي الصالح، وفي شركة روحية عميقة مع الكنيسة الكاثوليكية في العالم كله. فتصلي أن يمنح الرب قداسته النعمة ليواصل عطاءه للكنيسة، وان يمتعه بالصحة والعافية، وان يمنح مجمع الكرادلة، نور الروح القدس وإرشاده، ليختاروا راعيا وفق إرادة الله، لخدمه شعبه وخلاص النفوس.
بهذه المناسبة تتوجه الكنيسة إلى أبنائها بالدعوة إلى مواكبة هذا الحدث الهام في حياتنا، باسبوع صلاة وصوم يبدأ من يوم الاثنين 25 فبراير حتى السبت 2 مارس 2013. وجدير بالذكر أن الثلاثة أيام الأولى من هذا الأسبوع ستتوافق مع صوم يونان.
نلتمس من الله أن يتقبل صومنا وصلاتنا، بشفاعة أمنا مريم العذراء، وأن يمنح كنيسته بركاته الغزيرة وينعم عليها براعِ حسب قلبه يقودها على طريق الإيمان والرجاء والمحبة لخير البشرية كلها.
مع البركة الرسولية،
+ الأنبا إبراهيم اسحق
بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك
ورئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك بمصر
صدر بالمقر ألبطريركي في 20 فبراير 2013