يعتبر الآباء القدِّيسون الصيامَ الأربعينيّ الكبير كتأدية العُشر لله (في الواقع 40 هو تقريباً عُشر 365 يومًا). والوصيَّة تقول: أَوْفِ البرَكة أي العشر. يضاف إليه صوم الميلاد والرسل والسيدة. وتتوزَّع هذه الأصوام الأساسيَّة الأربعة علي فصول السنة الأربعة لتقدِّس السنة كلّها: صوم الميلاد للخريف، الصوم الأربعينيّ للشتاء، صوم الرسل للربيع وصوم السيدة للصيف.
وهكذا فإنَّ المسيحيّ المؤمن المواظب على الأصوام المختلفة، يبقى على اتصال دائم بالرياضات الروحية والممارسات التقشُّفيَّة، وفي يقظةٍ روحيَّةٍ لعمل الروح فيه. ويحافظ بذلك على "لياقة" النفس والجسد في آن واحد.
كثيرون يقصدون الأطبَّاء والعلماء لكي يحصلوا على المعلومات الوافية للمحافظة على صحَّتهم الجسديَّة. وكم تكون دهشة الكثيرين إذا علموا أنَّ حكمة الكنيسة في توزيع الأصوام تتوافق مع التوجيهات الطبِّيَّة. لا بل تفوقها لأنَّها تهدف إلى صحَّة النفس والجسد. وهكذا يتمُّ قول السَّيِّد المسيح المعلِّم الأكبر: "اطلبوا أوَّلاً ملكوت الله وبرّه وهذا كلّه يُزاد لكم". ويقول: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكلِّ كلمةٍ تخرج من فم الله"، وهذا كان جواب يسوع للمجرِّب في البرِّيَّة. ويقول بولس شارحًا معنى الصَّوم الحقيقيّ: "إنْ أكلتم أو شربتم أو مهما عملتهم فاعملوا كلَّ شيءٍ لمجدِ الله". ويقول أيضًا: "مجِّدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم أيضًا".