1. يُعرب الآباءُ عن شكرهم لقداسة البابا بندكتس السادس عشر على رعايتِه الكنيسةَ الجامعة كخليفةٍ لبطرس، وفقاً لإلهامات الروح، بحكمة وشجاعة. وهم يقدّرون إقدامه على تخلّيه عن السلطة لخير الكنيسة على حدّ قوله، بتواضع وكبر وتجرّد، ويسألون الله أن يكلّل حياته بالقداسة ويمنحنا بركة صلاته.
2. يثمّن الآباءُ الخطواتِ التي يقومُ بها صاحبُ الغبطة والنيافة لتشديدِ أواصرِ المحبة بين الكنائس، والمشاركةِ في أفراحِها وأحزانها، ولا سيما زيارتَه دمشق للمشاركة في تولية غبطة البطريرك يوحنا العاشر بطريرك أنطاكيه وسائر المشرق للروم الارثوذكس، ولتفقّدِ أوضاع أبرشيتنا المارونية فيها، وزيارتَه موسكو لتمتين العلاقات مع الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، وتمثيلَه في بغداد للمشاركة في تولية بطريرك بابل للكنيسة الكلدانية مار لويس روفائيل الأول ساكو، وفي القاهرة للمشاركة أيضاً في تنصيب بطريرك الاسكندرية للأقباط الكاثوليك الأنبا ابراهيم اسحق، متمنين أن تُسهم هذه الخطواتُ وغيرُها في تعزيز الشركة بين الكنائس، وبلورةِ شهادتها للمسيح الفادي في عالمنا المتعطش الى المحبة والمصالحة والسلام.
3. إن لبنان يعيش بجناحيه المسلم والمسيحي ويحتاج الى مشاركة جميع مكوّناته، وما نشهده من توترٍ طائفي ومذهبي وتزايدٍ في مظاهر التطرف، يناقض ما قام عليه لبنان، ويشير إلى تحوّل ستكون نتائجه وخيمة إذا تخلّى العقلاء عن دورهم. إن المرجعيات الدينية والسياسية مدعوةٌ إلى وقفة تاريخية تُجاه هذه الظاهرة، تجدّدُ فيها التأكيد على ميثاق العيش المشترك الذي هو كنزُ لبنان الثمين ومبرّرُ وجوده ودوره.
4. يعرب الآباء عن قلقهم من تزايد مظاهر وهن الدولة وما يرافقُه من ظهور مسلّح في مختلفِ المناطق، ممّا يطرح الكثير من التساؤل عن تمسّك اللبنانيين بخيارهم: “الدولة أولاً”. وتزيد هذا القلق ظاهرة الخطف في وضح النهار، مع ما يستتبعها من ابتزاز للمواطنين، دون أي اعتبار لكرامة الإنسان، ولجوء الخاطفين إلى أماكنَ يُمنَع على الأجهزة الأمنية الوصولُ إليها. ويشجّعُ على كل ذلك إنحيازُ الدولة إلى منطق الأمن بالتراضي، والقرارُ السياسي المعطّل. كما يُقلقهم ما يحدث على الحدود مع سوريا، ويأسفون على نكثِ القيادات اللبنانية بوعودِها التي أقرّتها في “إعلان بعبدا”، ولاسيّما مسألتَي السلاحِ غيرِ الشرعي وتحييدِ لبنان عن الصراعات. وهم يذكّرون بما سبق وأعلنوه تكراراً: إنّ لبنانَ يخدمُ أشقاءه العرب بمقدار ما يحافظ على خصوصيّته وعلى سلمه الأهلي، وتمسّكِه بما اتُفقَ عليه في الميثاق الوطني من أنّه لا “يكونُ ممرًا أو مستقرًا” لما من شأنه أن يُشكّل تدخلاً أو انتهاكًا لسيادةِ دولة أخرى.
5. توقف الآباء عند قضية قانون الانتخاب، معتبرين أن العودة إلى قانون الستين هو تنصّل خطير من المسؤولية الوطنية، وضربٌ لقدرة اللبنانيين على إنجاز مستقبل لعيشهم المشترك. وهم يؤكدون على ضرورة إجراء الإنتخابات في موعدها الدستوري، في ظل قانونِ انتخابٍ جديد يؤمّن المناصفة الحقيقية وصحة التمثيل، كي لا يختل توازنُ لبنان بجناحيه، ولا يُهمّش جزءٌ كبير من مكوِّناته.
6. أمام التحركاتِ المطلبية والإضرابات المفتوحة، يخشى الآباءُ دخولَ البلاد في أزمة جديدة تكون تداعياتُها خطيرةً على القطاعات كلها، وقد توصلها الى حال من الإفلاس الإقتصادي. وهم يحرصون على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وعلى سلامة العام الدراسي ووحدة أعضاء الأسرة التربوية وتضامن هذه الأسرة. وهم يحمّلون الحكومة مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع وتراكم المفاعيل الرجعية، ويدعونَ الدولةَ وجميعَ الأفرقاء إلى العمل على إيجاد أجواء هادئة للحوار والتقارب في المواقف بشأن سلسلة الرتب والرواتب وغلاء المعيشة والمفعول الرجعي، كي يصل لكلّ ذي حقّ حقُّه العادل، في أسرع وقت ممكن.
7. نظراً لوقوع عيد بشارة السيدة العذراء يوم اثنين الآلام، قرّر الآباء نقل الاحتفال بهذا العيد، لهذه السنة فقط، إلى يوم اثنين الفصح الموافق الأوّل من نيسان المقبل. وهم يدعون أبناءهم وبناتهم الى تجديد إيمانهم بالكنيسة ومشاركتهم في الصلاة، خلال هذا الزمن المقبول زمن الصوم المبارك، من أجل أن يأتي انعقاد مجمع الكرادلة، بهدي من الروح القدس، عنصرة جديدة يختارون فيها خليفة على كرسي بطرس، يقود الكنيسة على خطى أسلافه العظام، عبر تحديات الزمن الراهن.