والكنيسة في هذه الأيام في حالة ترقب، لكنها كذلك في حالة صلاة حيث تُقام في كل الكنائس والأبرشيات في العالم قداديس وصلوات خاصة تسمى قداديس من أجل انتخاب البابا أو الحبر الأعظم. وقد كنا نعيش هذه اللحظات اثر رحيل الحبر الأعظم، إلا أننا اليوم اثر استقالة قداسته، وهو أمر جديد يحصل للمرة الأولى منذ أكثر من ستمائة عام. لكنه ليس بالأمر المربك، فهنالك القوانين التي تحكم وتسيّر شؤون الكنيسة بدقة وعناية، ويقول القانون رقم 335 من مجلة الحق القانوني: “في حال شغور الكرسي الروماني أو في حال تعذر قيام البابا بمهماته كلياً، لا يستحدث أي شيء في حكم الكنيسة العامة، ويجب مراعاة القوانين الموضوعة خصيصاً لمثل هذه الظروف”.
والقوانين في مثل هذه الظروف موجودة في الدستور الرسولي المدعو “كل قطيع الرب” الذي نشره يوحنا بولس الثاني عام 1996. وقد أجرى عليه بندكتس تعديلاً بسيطاً بإمكانية الانتخاب قبل 15 يوماً من الشغور وعليه ستبدأ كما هو متوقع يوم 11/3/2013 أول أيام المجمع الانتخابي السري والذي يسمّى Conclave وفيه يعتزل الكرادلة الناخبون ( ما دون سن 80) عن أيّ اتصال مع العالم الخارجي، وتقطع عنهم أدوات الاتصال السلكية واللاسلكية ، لكي يحكّم كلّ ناخب ضميره الصادق ، ويقسم الخدم معهم اليمين بعدم البوح بأي أمر يتم تداوله والاطلاع عليه، وهكذا إلى أن يحصل المنتخب على ثلثي الأصوات لكي يصبح حبراً أعظم بمجرّد قبوله بالرسالة الجديدة.
وكلمة أخيرة نقولها لوسائل الإعلام وهي أن فترة شغور الكرسي الرسولي هي من أعز الفترات في تاريخ الكنيسة، فيها تُرفع الصلوات مع الآمال، من أجل أن يأتي راع جديد يقود دفة السفينة بدراية وحكمة وقبل ذلك بحياة قداسة وتواضع. وليس ضرورياً أن تكتفي وسائل إعلامنا بما يُثار من إشاعات وأقاويل وقصص لا تسمن ولا تغني. فالبابا المستقيل بحسب سكرتيره قد نام نوماً هانئاً في ليلة الاستقالة، بينما بعض وسائل الإعلام لم تنم منشغلة بنشر كل ما يؤرق الناس ويبعد النوم عن عيونهم.
وبانتظار الدخان الأبيض الصاعد من كابيلا سيستين. وبدون الدخول بلعبة الترشيحات وبورصة الأسماء، تنتظر الكنيسة وينتظر العالم إعلان عميد الكرادلة التقليدي : لدينا بابا Habemus Papam.
مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام