الرّحمة الإلهيّة: سبب تغيّر العالم

كلمة قداسة البابا فرنسيس قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها قداسة البابا فرنسيس في 17 مارس 2013 من النافذة التقليدية أمام 300.000 زائرٍ تقريبًا متواجدين في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان.

***

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،

بعد الّلقاء الأوّل الذي أُجري يوم الأربعاء الأخير، يمكنني اليوم أن أحيّيكم جميعًا من جديد! وأنا سعيدٌ جدًّا أنني ألتقي بكم يوم الأحد وهو يوم الربّ! إنّه لأمرٌ مهمُّ لنا نحن المسيحيّون أن نلتقي يوم الأحد، أن نحيّي بعضًا البعض، أن نتكلّم كما نفعل الآن وهنا في هذا المكان. أصبح هذا المكان على مسامع الجميع بسبب وسائل الإعلام.

في هذا الأحد الخامس من الصّوم الكبير، يتكلّم الإنجيل عن حادثة المرأة الزانية (راجع يو 81-11) التي خلّصها يسوع من حكم الموت. وأثّر فينا موقف يسوع من هذه الحادثة فلا نسمع أقوالًا تدلّ على إزدراء، ولا نسمع أقوالًا تدلّ على إدانة ولكن نسمع فقط أقوال تدلّ على المحبّة والرحمة اللّتين تدعوان إلى الإهتداء. “وأنا لا أحكُمُ علَيكِ. إذهَبي ولا تُخطِئي بَعدَ الآنَ!” (الآية 11). حسنًا، أيها الإخوة والأخوات، إنّ وجه اللّه هو ذلك الوجه الذي يظهر لنا أبًا رحيمًا وصبورًا دائمًا. هل سبق لكم أن فكّرتم في صبر اللّه، في ذلك الصّبر الذي يمنحه لكلّ واحدِ منّا؟ إنّ صبره يدلّ على رحمته. إنّه يصبر دائمًا علينا، فهو يفهمنا، ويهتمّ بنا ولا يتعب من أن يغفر لنا إن علمنا كيف نعود إليه بقلبٍ تائبٍ. فيشير المزمور إلى أنّ “رحمة الرّب هي أمرٌ عظيمٌ”.

في هذه الأيّام، أمكنني قراءة كتاب يُعنى بالرحمة، كتبه الكاردينال كاسبر وهو لاهوتيٌّ ماهرٌ وجيدٌ. لقد أثّر هذا الكتاب فيّ كثيرًا ولكن لا تظنّوا بأنّي أخبركم بذلك من أجل نشر كتب كرادلتنا! لا أهدف لذلك على الإطلاق! لقد أثّر فيّ بشكلٍ كبيرٍ… إذ ذكر الكاردينال كاسبر أنّ خوض تجربة الرحمة يغيّر كلّ شيء. “إنّها تغيّر العالم” أجمل قول أمكننا سماعه. القليل من الرحمة يجعل العالم أقلّ عدوانيّة وعالمٍ تسود فيه العدالة. يجب علينا أن نفهم جيّدًا رحمة اللّه هذه، رحمة هذا الأب الرحيم الذي يصبر كثيرًا… ولنتذكّر كلمات آشعيا النبيّ الذي يؤكّد أنّه حتّى ولو أنّ الصيّادين كانوا بلون القرمز الأحمر، فستجعلهم محبّة الرّب بيضًا كالثّلج. ما أجمل الرحمة!

أتذكّر عندما تمّ تعييني أسقفًا وكانت العذراء مريم حاضرةً في بوينس آيرس فقدّمنا لها قدّاسًا عظيمًا من أجل المرضى. وخلال هذا القدّاس، ذهبت إلى الإعتراف. وعند نهاية القدّاس تقريبًا، وقفت لتأدية تثبيت سرّ المَيرون. وجاءت إليّ إمرأة مسنّة، متواضعة جدًّا تبلغ من العمر أكثر من 80 عامًا. نظرت إليها وقلت لها: “أيّتها الجدّة – إذ أنه من المعتاد لدينا أن نتوّجه إلى المسنّين بهذا اللقب –  أتريدين الإعتراف؟”. أجابتني، “أجل”. فقلت لها “ولكن، إن لم تكوني خاطئة…” قالت لي: “نحن جميعًا نرتكب خطايا…”. “غير أنّه ربما لا يغفر لنا الرّب خطايانا…”. وأضافت وهي واثقة كلّ الثقة “إنّ الرّب يغفر لنا كلّ شيء”. فقلت لها ” يا سيّدة كيف تعرفين ذلك؟”. “إذا لم يغفر لنا الرب كافّة خطايانا، لما عاد العالم موجودًا”. ورغبت عنها أن أسألها: “يا سيدتي، قولي لي هل درست في الجامعة الغريغوريّة؟” (وهي جامعة بابويّة تابعة لرهبنة الآباء اليسوعيّين في روما وطلابها) لأنّ الروح القدس يعطي الحكمة أيّ الحكمة الداخليّة من رحمة الله.

ولا تنسوا هذا القول: لا يتعب الله أبدًا من أن يغفر لنا، أبدًا! فأجابتني “حسنًا، أيّها الأب ما هي المشكلة؟” المشكلة هي عندما نتعب نحن ولا نريد طلب الغفران منه. فهو لا يتعب إطلاقًا من غفرانه لنا ولكننا نحن نتعب أحيانًا من طلب الغفران منه. فيجب أن لا نتعب أبدًا من الطلب! فهو الأب المحبّ الذي يغفر دائمًا ويملك قلبًا مليئًا بالرحمة لنا جميعًا. و لنتعلّم نحن أيضًا كيف نكون رحيمين مع الجميع. لنطلب شفاعة مريم العذراء التي بين يديها نجد رحمة الله الذي جعل نفسه إنسانًا.

***

نقلته إلى العربية ميريام سركيس- وكالة زينيت العالمية

جميع الحقوق محفوظة لدار النشر الفاتيكانية 

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير