كان التلاميذ خائفين وغير قادرين أن يقبلوا نظرة الله للحياة الجديدة التي يدعوهم إليها فقد كانت لهم أفكارهم الخاصة. لم يكونوا مستعدين للتغيير أو لرؤية جديدة أو للتخلي عن النمط اليهودي الذي كان يعتقد أن المسيح الآتي هو رجل سياسي وكان اليهود يريدونه أن يعيد لهم ملك يهوذا.
ابنا زبدى (يعقوب ويوحنا) كانا من أول الرسل الذين أحبهم يسوع ووجه إليهم دعوته، سألاه طلباً غريباً عن مفهوم الإنجيل وعن دعوة يسوع لهما، طلبا منه أن ينفذ لهما رغبتهما.
الأول يريد منه سلطة والثاني يريد مكانا مهما (واحد على اليمين والثاني على يساره متى يحين الوقت ويأتي يسوع ملكا على مملكة أورشليم). كانوا يفكرون بالسياسة والقوة والملك الأرضي وشوفة الحال. مع أن يسوع قال لبطرس إن ملكوته سماوي سوف يأتي بعد موته وقيامته. لكن يعقوب ويوحنا لم يفهما ذلك.
ما هو الوعد الذي قدمه يسوع لهما؟
مشاركته آلامه وموته: “أتستطيعان أن تشربا الكأس التي أشربها أنا، وأن تصطبغا (تتعمدا) بالصبغة التي أصطبغ بها أنا؟ “
التلاميذ العشرة الآخرون لم يكونوا مسرورين من مداخلة يعقوب ويوحنا. لكن يسوع استفاد من طلب التلميذين وردة فعل الآخرين ليعلم تلاميذه ويقول لهم إنه لا مكان في المسيحية للتسلط على الآخرين… على العكس المسيحية هي دعوة للخدمة… وأعطى مثلا عن ذاته: “إن ابن الإنسان لم يأت ليُخدَم بل ليخُدم وليبذل نفسه فداءً عن كثيرين”.
لنكون مسيحيين علينا أن نفهم ماذا يريد منا المسيح: “من أراد أن يكون فيكم عظيماً، عليه أن يكون خادماً لكم” (مر43:10). يسوع أعطى مفهوما جديدا للعظمة:
إنّ مفهوم العظمة ليس في البحث عن الصفوف الأماميّة والتباهي، إذ إنّ المسيح قد أدان الفرّيسيين على عادتهم هذه بقوله: “يحبّون المتكآت الأولى في الولائم، والمجالس الأماميّة في المجامع” (متى 23: 6)، بل باعتناق فضائل الصبر والمحبّة والتواضع في آنٍ معاً. وهذا ما ذكّر به يسوع المسيح مستمعيه “من رفع نفسه اتضع ومن وضع نفسه ارتفع” (متى 23: 12).