في كتاب أعمال الرّسل، يرد ما يلي:
أ- “وكَانُوا مُوَاظِبينَ عَلى تَعْلِيمِ الرُّسُل، والـمُشَارَكَة، وكَسْرِ الـخُبْز، والصَّلَوَات” (أعمال الرّسل 2: 42).
ب- “وكَانَ الـمُؤْمِنُونَ كُلُّهُم مُتَّحِدِينَ مَعًا، وكَانُوا يَتَشَارَكُونَ في كُلِّ شَيء، فَيَبِيعُونَ أَمْلاكَهُم ومُقْتَنياتِهِم، ويُوَزِّعُونَ ثَمَنَهَا عَلى الـجَمِيع، بِحَسَبِ حَاجَةِ كُلٍّ مِنْهُم” (أعمال الرّسل 2: 44-45).
ت- وبِقُوَّةٍ عَظِيمَة، كَانَ الرُّسُلُ يُؤَدُّونَ الشَّهَادَةَ بِقِيامَةِ الرَّبِّ يَسُوع. وكَانَتْ عَلَيْهِم جَمِيعًا نِعْمَةٌ عَظيمَة. فَمَا كَانَ فِيهِم مُحْتَاج، لأَنَّ جَمِيعَ الَّذِينَ كَانُوا يَمْلِكُونَ حُقُولاً أَو بُيُوتًا، كَانُوا يَبيعُونَهَا وَيَأْتُونَ بِثَمَنِ الـمَبِيعَات، ويُلْقُونَهُ عِنْدَ أَقْدَامِ الرُّسُل، فَيُعْطَى كُلُّ مُؤْمِنٍ عَلى قَدْرِ حَاجَتِهِ. (أعمال الرّسل 2: 33-35).
هذه الأمثلة توضح كيف أنّ الجماعة المسيحيّة أسّست لمفهوم “المشاركة” ((communion الّذي يشبه شكلًا المفهوم الاشتراكيّ ولكنّه يختلف عنه في الجوهر!
فالمسيحيّون الأول تشاركوا بمبادرات حرّة من الأقدر تجاه الأقلّ قدرة وليس وفق آلية نظام يحدّد الحقوق والواجبات أو يفرض على أحدٍ ما ليس بإرادته كتأميم الأملاك أو ما شابه، فضلًا عن أن هذه المشاركة كانت نظام عيش وليس نظامًا سياسيًّا أو اقتصاديًّا!
وهنا ترد قصّة حننيا وزوجته لتؤكّد على طابع الحريّة وعدم الإجبار في هذه المسألة. فالمذكوران باعا ملكًا لهما واختلسا قسمًا من المبلغ وأعطوا الباقي للرسل على أنه الثمن الكامل… فلامهما الرّسل على الكذب ومات كلاهما… (أعمال الرسل 5: 1-11).
أمّا في الفصل السادس من أعمال الرّسل فنجد بأن الرّسل كلّفوا شمامسة بمهام الخدمة كي يعطوا الأولويّة لخدمة كلمة الله وهو ما يدلّ على أنّ الرسل لم ينجرفوا إلى تحويل الكنيسة إلى مؤسّسة للشؤون الاجتماعيّة بل تنبّهوا إلى أن دورها الرّسولي يشمل ناحية اجتماعيّة دون أن يقتصر عليها فقط!
هذا ما أوضحه البابا فرنسيس في عظة قدّاسة الأوّل كحبرٍ أعظم قائلًا: “إن لم نعترف بيسوع المسيح فذلك يعني أنه يوجد شيء متعسّر. سنضحي منظمة غير حكومية، تعنى بالمساعدات، ولن نكون الكنيسة، عروسة المسيح”.
ستتبلور أكثر مقاربة الكنيسة لمسألة الفقر والفقراء مع آباء الكنيسة وتكفي الإشارة إلى كتابات القدّيسين يوحنا فم الذهب وباسيليوس الكبير لنفهم وقوف الكنيسة إلى جانب المحتاج وتأنيبها للغنيّ الأنانيّ لدرجة حدت بأحد الآباء إلى القول: ” إن كنت تملك ثوبين في خزانتك فواحدٌ لك وأمّا الثاني فقد سرقته من الفقير”!!!