فسيفساء عالمية في حفل تنصيب البابا

لوحات فسيفسائية بالغة الجمال، ارتسمت في ساحة القديس بطرس في حاضرة الفاتيكان. ومنها فسيفساء التنوّع السياسي الذي لم يخلُ من الحضور العربي ( ومنه الأردني بشخص سمو الأمير غازي بن محمد). ومنها فسيفساء التنوّع الديني وبخاصّة من أتباع الديانات التوحيدية الثلاثة. ومنها من داخل الكنيسة ذاتها فسيفساء التنوّع المسيحي الذي برز فيه حضور البطريرك المسكوني الأرثوذكسي برتلماوس الأول، بطريرك القسطنطينية الذي يُشارك لأوّل مرة بتنصيب البابا الروماني منذ الانشقاق الكبير سنة 1054.

Share this Entry

ومن بين الوفود البارز حضورها كان بطاركة الشرق الكاثوليك – وهم رؤساء الكنائس السريانية والمارونية واللاتينية والروم الكاثوليك والأقباط الكاثوليك والأرمن الكاثوليك والكلدان- يسيرون الى جوار البابا فرنسيس وينزلون برفقته الى ضريح القديس بطرس أول حبر أعظم بانعام من السيد المسيح نفسه. أما “لماذا” اختار البابا الجديد بطاركة الشرق دون غيرهم، فلكي يكمل مسيرة سلفه المتقاعد بندكتس السادس عشر في تسليط الضوء على ضرورة الحفاظ على الحضور المسيحي كجزء لا يستغنى عنه من النسيج العربي والشرقي. وهو أمر يتطلب اليوم جهوداً خاصة وحثيثة لتفعيل وثيقة “الارشاد الرسولي” التي وقعها بندكتس في أيلول الماضي إبان زيارته الأخيرة الى لبنان الشقيق. وعلى هامش حفل بداية الحبرية، كان لبطاركة الشرق أنفسهم اجتماع خاص في كنيسة مارونية فوق الأرض الرومانية وصدر عنه بيان هام استحوذ على اهتمام عالمي كبير حيث “تداولوا أوضاع أوطانهم المقلقة، حاملين في قلوبهم هموم أبنائهم ومواطنيهم ومعاناتهم. ورفعوا الصلاة من أجل السلام في العالم، مجدِّدين الدعوة إلى الحوار والمصالحة كسبيلٍ وحيدٍ للخروج من الأزمات الحالية ومشدِّدين على ضرورة نبذ العنف والاقتتال”.

وفي أول أيام البابا الجديد كان له لقاء مع الأسرة الاعلامية الدولية المكوّنة من أكثر من ستة آلاف صحفي واعلامي تم اكتتابهم لتغطية أحداث الفاتيكان المتسارعة، وقد تشرّف كاتب هذه السطور بالمشاركة بهذا الاجتماع الذي جرى في قاعة بولس السادس الشهيرة، وفيه أعلن البابا الذي اتخذ اسمه من قديس البساطة والتواضع في العصور الوسطى: اي فرنسيس الأسيزي، عن العنوان العريض لخدمته البطرسية (نسبة الى القديس بطرس) بقوله :” كم أود أن تكون الكنيسة فقيرة، وأن تكون كنيسة الفقراء “.  وهذا عنوان لا يستغربه أحد من الذين عرفوا الكاردينال بورغوليو القادم من الأرجنتين وعرفوا فيه روح البساطة والتواضع والعطف اليومي على الفقراء والتمثل بطريقة حياتهم. وهو الامر الذي ركز عليه كذلك في عظته الأولى في حفل التنصيب الذي حضره مباشرة مئات الألوف، عدا عن الذين تابعوا عبر وسائل الاعلام المتعددة. حيث تعهد أمام العالم بتسليط الضوء على المحتاجين والمنبوذين.

نعود من روما المجد والتاريخ. ويسكن فيها “بابا التواضع” بشكل لا يتوانى المتابعون والمحللون من توصيف هذه المرحلة بالكلمة التي طالما ردّدها يوحنا بولس الثاني وخليفته بندكتس 16 … أي الربيع الكنسي… وهو ربيع الشهادة الحية ومدّ جسور التواصل والتعاون مع كافة الأطياف المشكلة للفسيفساء العالمية… وبدون اي استثناء.

مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام

Abouna.org@gmail.com

Share this Entry

الأب رفعت بدر

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير