جسر راتزنغر: العبور إلى حقبة ما بعد الفاتيكاني الثاني (4)

قراءة نسكية في استقالة بندكتس السادس عشر

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

·       حقبة ما بعد الفاتيكاني الثاني

على هذه الخامة من الكنيسة المحرّرة، تبدأ اليوم حقبة ما بعد الفاتيكاني الثاني. لذلك، لم يكن من المستغرب أن نرى فرنسيس الأسيزي ينبعث من خلال الكاردينال جورج بيرغوليو ليخلف بندكتوس السادس عشر. يذكرنا هذا الانبعاث بالعلاقة التي ربطت مؤسّس الرهبانية اليسوعية القديس إنياس دي لويولا بملهمه القديس فرنسيس. أليس كاثوليك أميركا اللاتينية هم بالنتيجة نتاج تضافر الجهود (السينرجيا) بشكل أساسي بين هاتين الرهبانيتين الرسوليتين ؟

المفارقة المميّزة هي أن نلاحظ أن فرنسيس الأسيزي الذي كان قد أُرسِل من قِبَل العناية الإلهية، في ملء من الزمن، يطلّ مجدداً من خلال راهب يسوعي ينحني أمام “جسد المسيح السرّي المتألم ” الممثّل بالشعب المؤمن الحاضر في ساحة مار بطرس، ليسأله بركته قبل أن يعطيه هو البركة بدوره، وذلك كطلب أدبي منه لتأييده كما لو أنه تأييد المسيح بذاته.

إن ما قام به البابا فرنسيس مختلف بنوع مختلف عما عرفناه عند أسلافه في حقبة الفاتيكاني الثاني، لأن هذا الاختلاف ليس من زمنية هذا العالم. نضيف أيضا، من باب علامات الأزمنة، أنه ساعة إطلاق حركة “الكرازة الجديدة” السنة الماضية، ما من أحد كان يتوقع تنحّي بندكتس السادس عشر ووصول شخص بهذا المفهوم الأقصى للتواضع إلى السدّة البطرسية. إنه عمل الروح القدس.

ختام:

بفضل تنحّي جوزيف راتزنغر قد تمّ كشف علامات زمن حقبة الفاتيكاني الثاني، واستنادا إلى هذه العلامات قد بنينا قرارنا باعتبار حبريّته جسر العبور إلى حقبة ما بعد الفاتيكاني الثاني. إننا مقتنعون بحريّة الضميري هذه التي تحترم حقّ التنحّي من السدّة البطرسية والذي طبّقه بندكتوس السادس عشر على نفسه حاكما عليها بميتة مسبقة للموت الطبيعي. إن هذه الخطوة لإنجيلية بالصميم وقد بات هذا البابا الذي، من لحظة تنحّيه أسبغت عليه فعاليات البشرية لقب “العظيم”، مرجعا لها، معترفة بالوقت نفسه بعظمة ما تنحّى عنه. ماذا ستكون عليه علامات الزمن التي ستحدّد خريطة طريق الحقبة الجديدة؟ ها إن قداسة البابا فرنسيس من مجرّد اختياره اسمه، قد بدأ بإبراز معالمها نظريا وتطبيقيا، بالفعل قبل القول، بالمثل المعيوش أكثر منه بالوعظ وأهمها اليوم، بالرغم من قلّة الأيام التي مرّت هي: “إخلاء الذات الفاتيكانية” وتجسّد البابوية بالإنسانية وحمل صليبها على مَنكِبَي كنيسة تتطابق مع مسيحها مطابقة تامة حتى الموت اليومي على الصليب فالقيامة اليومية، والتجدّد كما الفينيق. إذا ما رغبنا بمعرفة المزيد عن أهميّة “جسر راتزنغر” ما علينا إلا أن نتابع عن كثب إلهامات فرنسيس البابوي.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الأب ميشال روحانا الأنطوني

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير