إن طرق الله وحكمته تختلف إختلافاً كلياً عن حكمة البشر، لا بل هذه الأخيرة تعتبر جهالة أمام حكمته تعالى. وهو كان يستطيع بأي طريقة كانت، لا بل بكلمة منه تخليص البشر. لكن حكمته إقتدت أن يكون الوضع على الشكل التالي:
إن الله لا يعمل من “العلى” بواسطة عصا سحرية، بل هو يعمل في التاريخ. لقد تجسد الله بشخص يسوع الإنسان، الذي لم يأت لكي يموت بل لكي يعرفنا على الله الآب حتى ننال الخلاص. فكان مثالاً يحتذى به في طاعته الكلية لله، خلال حياته على الأرض. وقد إتخذ على عاتقه إيصال رسالة الله للبشر مهما بلغ الثمن. ولكن تعارضت مواقفه وأفكاره مع أعمال البشر المتسمة بالأنانية والبغض والحسد، فوصل به الوضع الى المواجهة عدة مرات، حتى وصل أخيراً الى القرار الحاسم، إما البقاء أميناً لرسالة الله، التي رفضها البشر وهددوه بالقتل في حال بقائه أميناً لها، ووضع ثقته الكاملة بالله الذي هو قادر على تخليصه، وإما خيانة الأمانة والإبتعاد عن الله في سبيل مصلحته الشخصية وخوفاً على حياته كما فعل آدم الأول. وهنا فضل يسوع الله على البشر مما أدى الى قتله. فإعتبرناه نحن ذبيحة رضى لله وليس أن الله أراده منذ البدء ذبيحة، بغض النظر أن الله كان عارفاً منذ البدء بالطريقة التي سوف تقدم بها هذه الذبيحة. وهذا يظهر مدى محبة الله الملموسة، من خلال مسيرته الطويلة المتوجة بالفداء، للإنسان ومدى إحترامه لحرية هذا المخلوق، فهو فعلاً مربي ومضحي بنفسه من أجل البشرية، تماماً كالأم تجاه أولادها. (أليس هو القائل :”إتنسى الأم رضيعها فتهمل أبناء بطنها” فحتى لو نسيتهم فهو لا يفعل).
إن آدام الأول لم يطع الله فكان مصيره الموت
أما آدم الثاني فقد أطاع الآب حتى الموت فبذل نفسه من اجل أحبائه وكان مصيره أن الله كافأ يسوع الإنسان على أمانته بأن أقامه من بين الأموات ووهبه المجد.
أنا اليوم، على مثال من أختار أن أكون، آدم الأول أم آدم الثاني ؟