ما الموقف الذي يتخذه البابا فرنسيس من مواضيع كالأخلاقيات، والعائلة، والتعليم، والشبيبة، والسلطة السياسية، والاتجار بالبشر، والعدالة الإجتماعية، ومواضيع أخرى؟
نشرت أبرشية بوينس أيرس عددًا من النصوص التي تسلط الضوء على هذه القضايا وغيرها، وهي مستمدة من تعاليم رئيس الأساقفة خورخيه ماريو برغوليو.
إليكم في ما يلي ترجمة عن المقتطفات:
الإجهاض
الإجهاض لا يعتبر أبدًا كحلّ. من ناحيتنا يجب علينا أن نسمع، وندعم، ونفهم بهدف إنقاذ حياتين: احترم الإنسان الصغير الذي لا يمكنه الدفاع عن نفسه، واعتمد تدابير يمكن أن تحافظ على حياته، اسمح بولادته ومن ثم كن خلّاقًا بإيجاد طرق من شأنها أن تقود الى نموه الكامل. (16 سبتمبر، 2012).
الدفاع عن الحياة
قال يسوع للناس الذين دهشوا عندما تناول الطعام مع الخاطئين والعشارين: “إن العشارين والزواني يسبقونكم الى ملكوت الله”، فهم كانوا الأسوأ في ذلك الزمان. يؤسفني القول أن أولئك الناس هم الذين ملأوا كنيسة الرب بالتعاليم، وإن بدا الأمر كانتقاد أو إهانة، سامحوني، ولكن يتواجد في كنسيتنا كهنة يرفضون منح سر المعمودية لأطفال أمهات غير متزوجات لأنه برأيهم لم يكوّن الطفل في كنف قدسية الزواج. هؤلاء هم الذين ينافقون اليوم. هؤلاء هم الذين يقودون شعب الله بعيدًا عن الخلاص. وأما الفتاة التي لم تجهض طفلها بل تحلت بالجرأة لإنجابه، فتتنقل من رعية الى أخرى باحثة عن كاهن ليعمّده. (2 سبتمبر، 2012).
التعليم
عندما رأيت النص قبل القداس، بدأت أفكر بين الطريقة التي كانت تعيش بها الجماعات الأولى وبين قداس اليوم. وتساءلت ألا يجب أن نوجه سعينا التعليمي لتحقيق التناغم: التناغم بين جميع الفتيان والفتيات الذين أوكلوا الينا، تناغم داخليّ، تناغم في شخصيتهم. إن عَمِلنا كحرفيين، على مثال الله، نعطي شكلًا لحياة هؤلاء الأطفال، سنكون قادرين إذًا على تحقيق التناغم، وإنقاذهم من التنافرات التي هي مظلمة دائمًا. ولكن التناغم منير، واضح، هو نور. إن تناغم قلب ينمو، الذي ندعمه في سعينا التعليمي هذا، هو الذي يجب أن يتحقق. (…) غالبًا ما أفكر حين أرى هذه الوجودية النسبية جدًّا المقترحة على الشباب أينما كان والتي لا تملك أي نقطة مرجعية، وهي تعود لنبي بوينس أيرس: “أعطه أي شيء…فكل شيء متشابه، ففي النهاية سنجتمع في أتون النار.” فحينها هؤلاء الشباب، الذين لا يملكون أدنى فكرة عن الحدود وهم يتوجهون نحو المستقبل، هم في الأتون! الآن! وسوف نلتقي في أتون النار! وفي المستقبل سيكون لدينا رجال ونساء في الأتون! (18 أبريل، 2012).
الإتجار بالبشر
نريد اليوم في المدينة أن تسمع صرخة سؤال الله: “أين أخوك؟” فليصل سؤال الله هذا الى كل المدن المجاورة، وليمر في قلوبنا، وفوق كل شيء فليدخل في قلوب “قايين” عصرنا هذا. لربما سيسأل أحدهم: أي أخ؟ أين أخوك العبد، هذا الذي تقتله كل يوم في ورشة عمل سرية، في شبكة للدعارة، في شباب تستخدمهم للإتجار بالمخدرات، للسرقة، فتجعلهم يعملون في الدعارة. أين أخوك الذي كمتشرد يتوجب عليه أن يعمل في السر لأنه لم يحصل على أوراق رسمية بعد. أين أخوك؟ وفي وجه هذا السؤال، يمكننا أن نتصرف كما فعل الكاهن الذي مر بجانب الرجل المصاب، يمكننا أن نتظاهر بالنظر بعيدًا كما فعل اللاوي، لأن هذه المشكلة ليست من شأني بل من شأن أحد آخر. هذا السؤال يعني الجميع! لأن تجارة البشر بدأت في هذه المدينة، هذه الجريمة الشاذة من فعل المافيا (كما وصفها بشكل دقيق منذ أيام قليلة مسؤول ما:) المافيا والجريمة الشاذة! (5 سبتمبر، 2012).
مسألة اجتماعية
نعتاد شيئًا فشيئًا على سماع وقائع سوداء لمجتمعنا المعاصر ورؤيتها من خلال وسائل الإعلام، التي تقدمها لنا بابتهاج، كما نعتاد أيضًا على لمسها والشعور بها من حولنا وفي أجسادنا. الدراما في الشارع، في الأحياء، في منزلنا، ولن نخفي، في قلوبنا أيضًا. نحن نعيش مع عنف قاتل، يدمر العائلات، ويحفز الصراعات والحروب في العديد من البلدان حول العالم. نحن نتعايش مع الحسد، والكراهية، والافتراء، والدنيوية في قلوبنا. إن معاناة الأبرياء والمسالمين لا تتوقف عن ضربنا، وازدراء حقوق الأشخاص الأكثر هشاشة والشعوب غير البعيدين عنا، وتسلط المال مع آثاره الشيطانية، كالمخدرات، والفساد، والإتجار بالبشر، من ضمنهم الأطفال، الى جانب الفقر الأخلاقي والمادي هم العملة الحالية. تدمير العمل المناسب، والهجرة المؤلمة، وعدم وجود مستقبل، كل ذلك يضاف الى هذه السمفونية. خطايانا وأخطاؤنا نحن ككنيسة ليست خارج عن هذه الصورة. إن معظم الأنانيات الشخصية مبررة ولكن لا تقل بسبب ذلك، تنقص القيم الأخلاقية في مجتمع، الذي وعلى الرغم من التعايش بين المدن يكلمنا عن ضعفنا، وعن عجزنا عن تحويل هذه الحقائق المدمرة التي لا تحصى.
التبشير
لا يكفي أن حقيقتنا أرثوذكسية وأن عملنا الرعوي فعّال. فمن دون فرح الجمال، تصبح الحقيقة باردة وحتى مشردة كالذي نراه يحدث في خطابات عدة أصوليين. يبدو وكأنهم يمضغون الرماد بدلًا من أن يتذوقون عذوبة حقيقة المسيح، الذي ينير بنور وديع ملء الحقيقة، فارضًا إياها كما هي كل يوم. فمن دون جمال الفرح يصبح العمل من أجل الخير كفاءة كئيبة، كما هو الحال في عمل العديد من الناشطين الذي يتم إرسالهم بعيدًا. يبدو وكأنهم يغطون الحقيقة بالحداد الإحصائي، بدلًا من مسحها بالزيت الداخلي للفرح الذي يبدل القلوب،
واحدًا تلو الآخر من الداخل. (22 أبريل، 2012).
الدفاع عن الزواج
إن هوية العائلة واستمراريتها على المحك: الأم، والأب، والطفل. إن حياة عدة أطفال على المحك، فسوف يهمشون مسبقًا ويحرمون من النضوج البشري الذي يشاء الله أن يحدث مع أب وأم. إنّ رفض شريعة الله المطبوعة في قلوبنا أيضًا على المحك. لا يجب علينا أن ندعي السذاجة: هذا ليس صراع سياسي صغير، بل هو ذريعة لتدمير مشروع الله. ليست مجرد مسألة مشروع تشريعي بل “تحرك” أب الأكاذيب الذي يحاول أن يضلل ويربك أبناء الله. (8 يوليو، 2010).
العدالة الاجتماعية
إن العدالة هي التي تفرّح القلب: عندما يكون هناك ما يكفي للجميع، عندما يرى الشخص بأن هناك مساواة، وإنصاف، ولكل واحد ما يحتاجه. عندما يرى الشخص أنه يوجد ما يكفي للجميع، إن كان شخصًا جيّدًا، فسيشعر بفرح في قلبه. قلب كل واحد يتسع وينصهر مع قلب الآخرين ويجعلنا ذلك نحب الوطن. يزدهر الوطن حين نرى “المساواة النبيلة على العرش” بحسب ما جاء في نشيدنا الوطني. في المقابل يجعل الظلم كل شيء مظلم. كم من المحزن أن يرى الشخص أنه يوجد ما يكفي للجميع ولكن ذلك لم يحقق بعد (…)إن قول “كل الشباب” كقول “كل المستقبل”. وقول “كل متقاعد” كإعادة فرز كل التاريخ. يعلم شعبنا أن الكل أكبر من الأجزاء، ولذلك نطلب “الخبز والعمل للجميع.” ولكن يوجد من يصنع كنوزًا له لهذا اليوم فقط، الشخص الذي يملك قلبًا صغيرًا ومغرورًا ويفكر أي شريحة سيأخذ معه عند موته. لا أحد يأخذ معه شيئًا. لم يسبق لي أن رأيت شاحنة تتبع موكب جنازة. كانت جدتي تقول لنا: “لا يوجد جيوب في الكفن.” (7 أغسطس 2012).
*سيتم نشر القسم الثاني من المقتطفات يوم الإثنين
***
نقلته الى العربية نانسي لحود- وكالة زينيت العالمية