تابع البابا فرنسيس يقول: لنتذكر أولا أنه بالصعود، حمل ابن الله بشريتنا، التي اتخذها، إلى الآب ويريد أن يجذب الجميع إليه وأن يدعو العالم بأسره ليُحتضن بين ذراعي الله المفتوحتين، لكي، وفي نهاية التاريخ، يُسلّم واقعنا بكامله للآب. وإنما يبقى ذلك الزمن الذي يتوسّط مجيء المسيح الأول والأخير، وهو الزمن الذي نعيشه. وفي هذا الإطار يجد مثل العذارى مكانه. أضاف البابا يقول: العريس هو الرب، وزمن انتظار وصوله هو الوقت الذي يعطينا إياه جميعًا، برحمة وصبر، قبل مجيئه الأخير، زمن سهر يجب علينا أن نحافظ فيه على مصابيح الإيمان والرجاء والمحبة مشتعلة، وأن نفتح قلبنا على الخير والجمال والحقيقة، زمن لنعيش بحسب الله، لأننا لا نعرف اليوم ولا الساعة التي يأتي فيها المسيح. لذلك يُطلب منا أن نستعد للقاء يسوع، أي أن نعرف كيف نقرأ علامات حضوره، ونبقي إيماننا حيًّا بالصلاة والأسرار، ونسهر كي لا ننام وننسى الله.
المثل الثاني، تابع الحبر الأعظم يقول، هو مثل الوزنات، وهو يدعونا لنتأمل حول العلاقة بين النعم التي نلناها من الله ومجيئه الثاني عندما سيحاسبنا.(راجع متى 25، 14- 30). يعلمنا هذا المثل أن انتظار عودة الرب هو زمن العمل، زمن لنستثمر فيه المواهب التي منحنا الله إياها، لا من أجلنا، بل من أجله ومن أجل الكنيسة والآخرين، زمن لنُنمّي فيه الخير في العالم، وخصوصًا اليوم في زمن الأزمة هذا، من الأهميّة بمكان ألا ننغلق على ذواتنا وندفن وزناتنا، وإنما أن ننفتح ونتضامن ونهتمّ بالآخر. وأضاف يجتمع اليوم في هذه الساحة العديد من الشباب، أطلب إليكم، أنتم يا من تزالون في بداية مسيرة حياتكم: هل فكرتم يومًا بالوزنات التي أعطاكم الله إياها؟ هل فكرتم كيف يمكنكم أن تضعوها في خدمة الآخرين؟ لا تدفنوا وزناتكم! راهنوا على المُثل العليا، تلك المُثل التي توسّع القلب، مُثل الخدمة التي تُخصّب وزناتكم. فالحياة لم تعط لنا لنحتفظ بها لأنفسنا، بل لنهبها. أيها الشباب الأعزاء، لا تخافوا من أن تحلموا أحلامًا كبيرة!
أما المثل الثالث، تابع البابا فرنسيس يقول فهو مثل الدينونة العظمى، الذي يخبرنا عن مجيء المسيح الثاني، حين سيدين كل البشر، الأحياء والأموات (متى 25، 31- 46). ويستعمل الإنجيلي صورة الراعي الذي يفصل النعاج عن الجداء، فيقيم عن يمينه الذين عملوا مشيئة الله، وساعدوا القريب الجائع والعطشان والغريب والعريان المريض والسجين وعن شماله أولئك الذين لم يساعدوا القريب. ويخبرنا هذا المثل أن الله سيديننا على المحبة، على محبتنا له من خلال إخوتنا لاسيما أولئك الأكثر ضعفًا وحاجة. علينا أن نتذكر دائمًا أننا بُرّرنا وخُلّصنا بالنعمة، بواسطة فعل حب الله المجاني. وأضاف البابا يقول: الإيمان عطيّة نلناها، ولكن لكي تُثمر، تتطلّب منا نعمة الله دائمًا انفتاحًا وجوابًا حرّا ومحسوسًا. فالمسيح يأتي ليحمل لنا رحمة الله التي تخلّصنا، لكن علينا أن نثق به ونتجاوب مع نعمة محبته بحياة صالحة مليئة بأعمال الإيمان والمحبة.
وختم الأب الأقدس تعليمه الأسبوعي بالقول أيها الأخوة والأخوات الأعزاء، لا نخافنَّ النظر إلى الدينونة الأخيرة، بل ليدفعنا لنعيش الحاضر بشكل أفضل. فالله يهبنا برحمة وصبر هذا الزمن لكي نتعلّم يومًا بعد يوم أن نتعرّف إليه في الفقراء والصغار، لنبذل ذواتنا في عمل الخير ولنسهر بالصلاة والمحبة، فيعترف بنا الرب، في ختام حياتنا والتاريخ، كخدام صالحين وأمناء.