1 – المسيحيون في هذه الديار هم جزء عضوي من نسيج الشعوب التي ينتمون إليها، وهم يتألّمون مع كل متألّم، ويعملون كسعاة خير لرفع الظلم عن أيّ مظلوم، متخذين من تعليم إنجيلهم القدوة بأن المحبّة هي أساس تعامل الناس بعضهم مع بعض. والمواقف الرسميّة التي صدرت عن المقامات الروحيّة في الكنائس، على اختلافها، هي خير دليل على ذلك، كما تأتي المهمّة التي كان يقوم بها المطرانان المخطوفان في هذا السياق.
2 – يأسف المسيحيون في هذا المشرق لما تتعرّض له بلدانهم من عنف يباعد بين أبناء الوطن الواحد، ويعرّض حياة الآمنين لأخطار عدّة، يشكّل الخطف أحد أفظع أوجهها لما فيه من عبثيّة، واستباحة لحياة الأفراد العزّل. ونحن، إذ نناشد الخاطفين احترام حياة الأخوين المخطوفين، ندعو الجميع للكفّ عن كلّ الأعمال التي من شأنها أن تزرع الشقاق الطائفيّ والمذهبيّ بين أبناء الوطن الواحد.
3 – نحن نتفهّم القلق الذي يثقِل نفوس المسيحيين من جرّاء حادثة كهذه. وندعوهم إلى التصبّر، والتشبّث بمقتضيات إيمانهم، متكّلين على الله الذي تكمن قوّته حتى في ضعفاتنا، معتبرين أن الدفاع عن أرضنا يكون أوّلاً بالثبات فيها، وبالعمل على جعلها أرض محبّة وتعايش. ندرك أيضًا أن مواطنين من كلّ الطوائف يعانون الألم نفسه من جرّاء أعمال مماثلة، ونصلّي لكي يقوّيهم الله في محنهم، ونشدّ على أيديهم، كي نرفع جميعًا الصوت عاليًا لرفض كل أنواع العنف الذي يمزّق أجساد أوطاننا، ويدمي قلوبنا.
4 – في هذه المناسبة الأليمة، لايسعنا إلا أن ندعو العالم بأسره كي يسعى جاهدًا إلى إنهاء المأساة الجارية في سوريا الحبيبة، حتى تعود روضة محبة وأمان وتعايش، فلا تأتي المعادلات السياسيّة على حساب إنسان هذه الديار.
5 – كما ندعو الكنائس المسيحيّة في العالم كي تقف أمام الأحداث الجارية وقفة صلبة تشهد لإيمانها بفعل المحبّة في العالم، فتتخذ خطوات من شأنها ترجمة رفضهم لكل أنواع العنف التي يتعرّض لها إنسان المشرق اليوم.
6 – نغتنم الفرصة لنناشد شركاءنا في المواطنة، من المذاهب الإسلاميّة كافة، كي نتضافر وإيّاهم، فنُعْلِن ونعمل على رفض المتاجرة بالإنسان كسلعة سواء كان ذلك عبر جعله درعًا بشريًا في القتال، أو سلعة مقايضة ماليّة أو سياسيّة.
7 – ونتوجّه أخيرًا إلى الخاطفين لنقول لهم أن من تمّ اختطافهما هما رسولا محبّة في العالم، يشهد لهما عملهما الديني، والاجتماعيّ، والوطنيّ. لذلك، ندعوهم إلى التعامل مع هذه الحادثة المؤلمة بعيدًا عن أيّ تشنّج لا يخدم في النهاية إلا أعداء الوطن.
أخيرًا، نضرع إلى الله، في هذه المواسم المباركة، كي تنتهي هذه المأساة بسرعة، وتعود الطمأنينة إلى نفوس الجميع، وتنعم بلادنا بما تستحق من ازدهار وسلام.
البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول عيواص ـــ البطريرك يوحنا العاشر (يازجي)