ستهل البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي نشاطه يوم الثلاثاء ٢٣ نيسان ٢٠١٣، بزيارة بازيليك سيدة الحبل بلا دنس، سيدة لوخان التي تعتبر من اهم المزارات العالمية ويطلق عليها اسم سيدة الارجنتين. وأقام غبطته الصلاة امام تمثال العذراء الذي وضع في المكان على اثر اعجوبة حصلت مع انطونيو فارياس تعود الى العام ١٦٣٠، ثم بنى الاب انطونيو ماريا سالفاريه البازيليك الحالية سنة ١٨٨٦ بعد أعجوبة اخرى.
بعد الظهر استقبل البطريرك الراعي عددا من السفراء العرب يرافقهم سفير لبنان انطونيو عنداري. فحضر عميد السلك سفير الكويت وسفراء كل من المملكة العربية السعودية، الامارات العربية المتحدة، المغرب، الجزائر، تونس وفلسطين. اتسم اللقاء بالودية والصراحة وقد طرحت خلاله القضايا والهموم العربية المشتركة. وفي مستهله وضع غبطته السفراء في اجواء زيارته الاولى الى الارجنتين مستوضحًا عن اوضاع الجاليات العربية. ثم تناول الوضع الحالي في الشرق الاوسط، وقال: “ان سلاحنا هو الصلاة، ونحن نؤمن بأن الله قادر على مؤازرتنا في حياتنا اليومية. وللصلاة قيمة كبيرة ولا ننسى ان الله هو سيد التاريخ وعلى البشر استلهامه لبناء السلام. نحن مسؤولون عن بناء السلام وعن مصيرنا ومستقبل اوطاننا ولا يجوز ان يبقى الغير يقرر عنا. ان انقسامنا يدفع الآخرين الى احتقارنا والتلاعب بمصيرنا.” واضاف: “ان صورة العالم العربي والاسلامي مشوّهة اليوم، وهذه ليست حقيقة الاسلام. فالدين الاسلامي ليس حربًا وعنفًا واصوليات. نحن كلبنانيين عشنا معًا مسلمين ومسيحيين وبنينا حضاراتنا معًا وعلينا اليوم المحافظة عليها وحمايتها. يجب علينا الاعتراف ان الامور خطيرة في دولنا العربية وعلى الجامعة العربية ان تحزم امرها لاستعادة دورها والعمل على توحيد الرؤية العربية وعلى حلّ الامور بالحوار والتفاهم وعلى العرب ان يعيدوا الثقة ببعضهم البعض ليكوّنوا معا موقفًا موحدًا يفرض احترامه على المجتمع الدولي ويأتي بنتيجة الجلوس على طاولة واحدة والقراءة المشتركة لكل القضايا الاساسية.
بعد ذلك كانت مداخلات للسفراء ركزت على التضامن العربي وعلى رفض العنف والحرب ونبذ الارهاب، وعلى وجوب حل القضايا العالقة كالقضية الفلسطينية التي هي في اساس المشاكل في الشرق الاوسط. كما حيا السفراء دور لبنان في النهضة العربية ودور البطريرك في نشر ثقافة الحوار بين الاديان والطوائف الامر الذي تحتاجه مجتمعاتنا العربية اكثر من اي وقت مضى. كما اثنوا على دور الجاليات اللبنانية في خدمة جميع ابناء الاوطان العربية.
ومساء ترأس الكردينال الراعي القداس الالهي في كاتدرائية مار مارون بحضور السفير اللبناني انطونيو عنداري وعدد من اعضاء المؤسسة المارونية للانتشار ومن ابناء الجالية اللبنانية في بيونس ايرس تلاه لقاء تركز على عمل المؤسسة المارونية للانتشار بالتعاون مع مطرانيات الانتشار، وقد حضر من المؤسسة كل من السيدتين روز شويري وهيام بستاني والسادة شارل الحاج، يوسف الدويهي.
وكان غبطته قد ترأس صباح امس الاثنين الذبيحة الالهية في كاتدرائية مار مارون ثم توجه بعد ذلك مع الوفد المرافق الى كاتدرائية سيدة البشارة في بيونس ايرس التي خدمها قداسة البابا فرنسيس ثم زار النائب العام المطران يواكيم سوكونزا الذي رافق قداسته منذ العام ٢٠٠١ وحتى تاريخه، ثم جال غبطته على كابيلا ومكتب وغرفة قداسته حيث لا زالت تحفظ كما تركها قبيل مغادرته الارجنتين متوجها الى روما للمشاركة في الكونكلاف. وفي الكابيلا الخاصة بالكردينال جورجيو بيرغوليو كانت وقفة صلاة على نية البابا فرنسيس كي يعضده الله في خدمة الكنيسة الجامعة ويحقق أمنياته.
وبعد الظهر زار غبطته مطرانية الروم الاورثوذكس حيث رفع الصلاة على نية اطلاق سراح المطرانين المخطوفين بولس اليازجي ويوحنا ابراهيم وراحة لنفس مرافقهما، وذلك خلال زيارته مطرانية الروم الارثوذكس في بيونس ايرس، شاجبًا جريمة الخطف هذه وكل اشكال العنف والقتل والخطف والارهاب. وفي هذا السياق اتصل غبطته بصاحب الغبطة البطريرك يوحنا العاشر معربًا عن تضامنه واستنكاره واتحاده معه بالصلاة من اجل تحريرهما سليمين، كما عبر عن حزنه لقتل مرافقهما سائلا الله التعزية لعائلته والسلام والاستقرار لمنطقة الشرق الاوسط.عقد لقاء مسكوني بحضور مطارنة الطوائف الكاثوليكية والارثوذكسية. ثم القى غبطته محاضرة حول المسيحيين في الشرق الاوسط والتحديات التي يواجهونها خصوصًا في ظل تنامي الاصوليات والحركات المتطرّفة. واشاد غبطته بالنموذج اللبناني في العيش المشترك المسيحي – الاسلامي واهميته ودور لبنان في حماية الاعتدال والحوار. كما تحدث الكردينال الراعي عن الارشاد الرسولي: “الكنيسة في الشرق الاوسط: شركة وشهادة”، فتوقف عند مفهوم الشركة والشهادة وتحدياتهما بالنسبة للمسيحيين مشددا على تكوين هوية وطنية على اساس المواطنة، تؤمن العيش المشترك بالمساواة بين الجميع والتعاون من قبل الجميع، ضمن قاعدة “الوحدة في التنوع”، فضلاً عن مشاركة الجميع في الحياة الوطنية العامة، دونما تمييز في الدين والرأي فيتمثل الجميع في ادارة شؤون البلاد على قاعدة الديمقراطية التي تقر بأن الشعب هو مصدر السلطات. واشار نيافته الى ضرورة دعم التعددية والمساواة والحرية في بلدان الشرق الاوسط واحترام الاختلاف والخصوصيات لكل الجماعات الدينية التي تتكون منها البلاد والمجتمع، وحفظحق المسيحيين فيها ك
مواطنين اصليين واصيلين.