واصل البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي لليوم الثاني زيارته الراعوية الى الاورغواي، فزار صباح اليوم الجمعة ٢٦ نيسان ٢٠١٣، السفارة البابوية حيث التقى السفير البابوي المطران انسيلمو غويدو بيكوراري وعرض معه للعلاقات الكنسية ولدور الدبلوماسية الفاتيكانية في إرساء السلام الشامل في منطقة الشرق الاوسط وفي الحد من العنف وتصاعد الحركات الأصولية والارهاب. واعرب السفير البابوي عن سعادته بلقاء البطريرك الماروني واكد ان هذا اللقاء يكمل حلقة التواصل في تنسيق عملية التكامل بين الكنائس المحلية والشرقية وتنوعها في الوحدة.
ثم توجه غبطته الى كاتدرائية سيدة الحبل بلا دنس في مونتي فيديو حيث كان في استقباله رئيس أساقفة العاصمة المطران نيكولاس كوتونيو ومعاونيه المطران دانييل ستورلا والمطران ميلتون تروكولي وعدد من الكهنة، وهناك اقام غبطته صلاة التبشير الملائكي على نية لبنان والسلام في الشرق الاوسط. ثم توقفوا امام معالم تلك الكاتدرائية التي دشنت عام١٨٠٤ م. بعدها كان اجتماع بحثت خلاله العلاقة بين الكنيسة المحلية والكنيسة المارونية واساليب الخدمة الراعوية للمؤمنين الشرقيين عامة والموارنة خاصة في الأوروغواي.
بعدها انتقل غبطته الى رعية السيدة العذراء في مدينة بندو حيث تقطن مئتا عائلة لبنانية من داربعشتار اللبنانية. وكان في استقباله مطران المدينة البرتو سانغينيتي وحشود من طلاب المدارس وأهالي داربعشتار وابناء الرعية.
حيا غبطته الأهالي والطلاب ثم بارك الكنيسة. وبعد الصلاة والترانيم، كان تبادل للكلمات. فرحب المطران المحلي بالبطريرك الماروني مقدما له الرعية بأبنائها وأطفالها واعتبر ان اهالي داربعشتار هم أمانة غالية في عهدة أبرشية باندونيسيا المتوأمة مع بلدة داربعشتار اللبنانية. كما تحدث عن العلاقة الوطيدة بين الكنيسة المارونية وكنيسته.
من جهته شكر البطريرك الراعي المطران سانغينيتي على اهتمامه بأبنائه الاورغواجيين المتحدّرين من اصل لبناني ولا سيما ابناء داربعشتار. وقال ان الكنيسة الكاثوليكية غنية بتراثها وطقوسها المتنوعة أكانت لاتينية او أنطاكية او غيرها. القديس بطرس هو من بنى كنيسة أنطاكيا. لهذا السبب يحمل كل البطاركة الموارنة اسم بطرس. وتابع نحن كاثوليك بحسب الطقس السرياني المارونية وانتم، كاثوليك بحسب الطقس اللاتيني. ولكل كنيسة منا فرادتها وجمال ليتورجيتها. ونحن على تنوعنا واحد في الكنيسة الكاثوليكية. لكل فرادته التي لا تتكرر، لا نستطيع ان نكون أرقاما في هذا العالم. يقول القديس بطرس نحن حجارة حية في كنيسة المسيح وكل منا على فرادته يشكل الوحدة التي هي الكنيسة.
الجالية المارونية موجودة منذ اوائل القرن الماضي وأبناؤنا هم ابناء حقيقيون لهذا الوطن الأوروغواي ولهم وطن اخر اسمه لبنان. رهباننا موجودون هنا لخدمتهم كي لا يفقدوا تقاليدهم وطقوسهم في الايمان فيشكلون مع غيرهم من الشعوب غنى هذا البلد.
ومن ثم رفعت الصلوات على نية البطريرك وعلى نية لبنان وعلى نية ابناء داربعشتار. وفي الختام تم تبادل الهدايا الرمزية ثم ازيح الستار عن لوحة خلّدت ذكرى مرور البطريرك الراعي في بندو.
بعدها كان لغبطته لقاء مع المطران وأهالي داربعشتار في دار البلدية حيث استقبلهم عمدتها مثنيا على الدور الذي يلعبه أهالي المدينة من اصل لبناني في إنماء المنطقة وازدهارها ولذلك استحقوا توأمة بلدتهم الأساس داربعشتار مع بلدتهم الحالية بندو.
بعد ذلك توجه الكردينال الراعي الى مدينة ميناس حيث استقبله راعي الابرشية المطران جيم فوينتس وكاهن الرعية اللبناني الاصل مع عدد من كهنة الابرشية والنواب ومختارة المدينة. وامام الكنيسة عزفت اوركسترا شبيبة المدينة الحان الترحيب بغبطته ثم ترأس القداس الالهي في الكاتدرائية التي بارك فيها تمثال القديس شربل الذي رفع على حائط الكاتدرائية تكريمًا لزيارة غبطته وللجالية المارونية في الرعية، وقد غصّت الكاتدرائية بالمؤمنين ومعظمهم من العائلات اللبنانية الاصل.
وفي عظته التي عبر فيها عن سروره بالزيارة الى ميناس وعن شكره لمطرانها والمسؤولين فيها ولشعبها ولسيمفونية الشبيبة والجوقة، توقف نيافته عند معاني الانجيل المقدس “انت ستصبح صياد البشر”. مستشهدًا بسيرة حياة القديس شربل. وقال: “تذكر بطرس الكلام الاول وترك كل شيئهذا الكلام يعلمنا الا نخاف من شيئ من اجل حب المسيح، وكل منا اختبر ذلك.” ثم تحدث عن سيرتي حياة القديسين مارون وشربل وحياتهما النسكية اللتين تعكسان طبيعة الكنيسة المارونية وتراثها الغني وتقليدها السرياني الانطاكي. واضاف: : “مار مارون الذي عاش في القرن الثالث، عاش وحده في الجبل ترك كل شيئ ولحق المسيح فاعطاه يسوع كنيسة كبيرة منتشرة في العالم اجمع من ابناء هذه الكنيسة القديس شربل الذي نحتفل به اليوم مار شربل سمع انجيل اليوم وترك كل شيئ و دخل الدير سرًا بعمر 22 سنة بقرار شخصي واع. ويوم عرفت امه واتت الى الدير، تكلم معها من خلف الباب وقال لها كلامًا صعبًا على قلب كل ام. “انا قررت دخول الدير” وحين طلبت رؤية وجهه، اجابها اننا سنلتقي في السماء. فالمسيح تمّم وعده لشربل وعوّضه عن الذي تركه واعطاه مجدًا في السماء واعطاه البشرية ومكانة في كل بقعة من الارض حيث اصبح معروفًا في كل مكان. لا نخاف ان نترك شيئا من اجل الله
لا نخاف ان نضحي بالمال والماديات وبالوقت والارادة والصحة، لان الله يسوع امين بوعد
ه ويعطي مكان الواحد مئة. الله لا يعطي بماسورة ومقياس كما نحن نفعل انه يعطي بدون حدود.
وكذلك انتم المتحدرون من اصل لبناني كما الذين تركوا بلادهم وعائلاتهم ولكن الارض استقبلتهم وانطلقوا من الصفر، اختبروا عناية الله معهم. لا نخاف ان نضحي من اجل الله من اجل الكنيسة ومن اجل الانسان، الرب يريد اعطاءنا ولكنه يريد منا قلوب مفتوحة ويطلب اياد تعطي وقلوب تحب.” ولفت البطريرك الى عطية الله ونعمته في انجاب الاولاد، وتابع: “اليوم، هناك اهل لا يريدون اطفالا ونسوا ان الاطفال هبة من الله وامهات تقتلن اطفالهن في بطونهن بالاجهاض، وكم اختبروا السعادة في كل ولادة، اريد ان اقول لكل اب و امّ، انك لم تكن هنا الآن لو ضحى بك اهلك. هذه جريمة قتل ضد الله سيد الحياة، وليس لان هناك برلمانات تشرع الاجهاض اصبح الاجهاض مسموحًا. لا يخاف الاهل من اعطاء الحياة لان الله يعطيهم قدرا لا يعرفوه.
وختم البطريرك الراعي العظة بصلاة جاء فيها: “شكرا للرب على كلامه لنا اليوم في الانجيل بشفاعة مار شربل ومريم العذراء، ونلتمس نعمة السخاء في العطاء. فيا رب ساعدنا كي لا نخاف التضحية بأي شيئ من اجلك ومن اجل الكنيسة، والرب يعرف ما يعطينا وعطاؤه يأتي
بدون حساب او اية تجارة، فلا تجارة مع الله انما عطاء بدون حدود. وبعد القداس بارك غبطته تمثال القديس شربل الذي تجمهر حوله المؤمنون للتبرك منه. بعد ذلك التقى غبطته عددا من الاعلاميين ووسائل الاعلام المحلية في لقاء صحفي اجاب خلاله على اسئلتهم التي تمحورت حول الاوضاع في الشرق الاوسط وحوار الديانات والنموذج اللبناني في التعايش المسيحي الاسلامي والمشاركة في الحكم والادارة والحياة اليومية، وتحديات الحضور المسيحي في الشرق الاوسط، وانتخاب البابا فرنسيس والروح الجديد الذي يبعثه في حياة الكنيسة الجامعة ودور الدبلوماسية الفاتيكانية. ثم اقامت الرعية عشاء على شرف غبطته عاد بعده الى العاصمة مونتي فيديو.