في لقاءات البرازيل الشبابية ، ظهر البابا الارجنتيني بسيطاً في كلماته التي تحمل المحبة والاحترام للبرازيل وأهلها، وبالأخص للشبيبة العالمية التي هرعت، بثلاثة ملايين شاب وشابة من كل أقطار العالم، تحييه وتستمع الى كلامه الذي كرّر فيه أكثر من مرّة المقولة البرازيلية المتداولة: ” الشباب هم بؤبؤ العين للمجتمعات. ” ولقد حذّر الشباب من اتباع الأصنام التي يهدّدهم فيها عالم اليوم مثل المال والنجاح على حساب الآخرين والشعور بالعظمة والمتع الحسية المتعدّدة. قائلاً انّها تمتلك الشباب الذي يشعر بالوحدة والفراغ، فيبحث عن ملئه واشباع ذاته بالأوثان المصطنعة، وكلها بالطبع تفقر قلب الشاب من الأمل والنور والحب والمستقبل.
واذا قُدّر لنا أن نقارن مع مجتمعنا فنقول على سبيل المثال انّ الفراغ والشعور بالوحدة القاتلة قد قاد العديد من شبابنا الى امتهان العنف الذي ولد – حتى في جامعاتنا العزيزة – العديد من الضحايا.
ومن أجمل لحظات البابا فرنسيس زيارته الى مستشفى القديس فرنسيس الأسيزي والمختص بعلاج الشباب المدمنين على المخدرات، حيث سلط الضوء على خطورة أن يكون الانسان عبداً لهذه الآفة، وحذّر من تجار الموت Dealers of Death راجياً ان يكثر في العالم حاملو الأمل Bearers of Hope بدل الدمار واغواء الشباب بالسعادات الوهمية.
عربياً، شاركت وفود كثيرة ومن عدّة دول عربية في اللقاءات العالمية التي ابتدأ الاحتفال بها مع البابا يوحنا بولس الثاني في روما عام 1985. وأردنياً اشترك ثلاثة شباب : علاء سمارة ولطفي أسعد وجميل دبابنة، ليس فقط كمشاركين وانما كمتطوّعين، قدّموا مساعدات جمّة للشباب المشاركين ضمن أكثر من 60 الف متطوّع من أنحاء العالم ، وهذا يدل على تأصل قيم المحبة والخدمة والتطوّع لدى شبابنا الأردني الذين رفعوا العلم الأردني العزيز الى جانب أعلام الدول المشاركة.
البابا فرنسيس الذي صعد درج الطائرة وهو يحمل بيده حقيبته الخاصة، وجلس في سيارة صغيرة لتجوب به شوارع البرازيل يمثل درساً ونهج حياة لشباب العالم … ولقد طلب منهم ان يتعلموا فن السير عكس التيار ، اي تيار المتع الآنية الوقتية والنسبية الزائلة ، ودعاهم الى الجرأة في أن يظهروا للعالم بأنّهم قادرون على تحمل مسؤولياتهم وعلى عيش الحب الصحيح وبخاصّة داخل مؤسسة الزواج، وليس خارجها.
حقا ، لقد استطاع البابا فرنسيس أن يضع بصماته الخاصة، في وقت قليل، ومنذ أول يوم لتوليه قيادة ” سفينة القديس بطرس ” كما تُدعى الكنيسة الكاثوليكية، فقد خلق شعبية واسعة من خلال هروبه من مظاهر السلطة التقليدية وكسره للعديد من التقاليد والبروتوكولات التي تبعده عن الناس، فعاش كأحد سكان نزل (فندق) في الفاتيكان، وركب سيارة صغيرة وأوصى أساقفة العالم بألا يبحثوا عن عظمة العالم وأبهّته بل أن ينحازوا الى جانب البساطة والتواضع والقرب من الفقراء.
العظمة في البساطة والنجومية في التواضع: هذه هي النكهة الفرنسيسية على السامبا البرازيلية، وقد ظهرت جليا في لقاءات البابا وخطاباته مع الشبيبة العالمية التي هي “بؤبؤ العين” في مجتمع البرازيل كما وفي مجتمعات العالم أجمع.