ربما ظن أنها مزحة، بالتأكيد لم يصدق ولم يدرك واقع ما يجري معه. بعد كل شيء، ماذا قد تكون ردة فعلي أو فعلك، إذا رفعت سماعة الهاتف (أو بالحري ضغطت على زر الإجابة) وسمعت من الطرف الآخر هذه الكلمات: "ألو؟ معك البابا فرنسيس. فلنتكلم دون ألقاب".

لقد عمدت قصدًا إلى ترجمة قريبة من العامية لتقديم ولو بعض الشيء البساطة التي من خلالها تواصل البابا فرنسيس مع الشاب ستيفانو كافيتزا، وهو تلميذ في كامين (بادوفا، إيطاليا).

بكل تأكيد، بعد أن أدرك ما حدث له، تمكن الشاب، بعد مكالمة هاتفية دامت ثماني دقائق أن يقول: "كان أجمل يوم في حياتي". وإني لأصدقه، إذ ليس أمرًا اعتياديًا أن يطلبنا على الهاتف خليفة بطرس، رأس الكنيسة الكاثوليكية، لا لمهمة ما، بل فقط لأني مهم بنظر الرب، وبالتالي بنظره.

ليست المرة الأولى التي يتكلم فيها الأب الأقدس مع مؤمنين وأشخاص عاديين على الهاتف وبشكل مباشر، دون وساطات وبروتوكولات معقدة. لقد اتصل بعد انتخابه ببائع الجرائد الذي كان يحمل له كل يوم جريدته ليطلب إليه: لطفًا، لا تأتِ بها من بعد، فإني لم أعد بالأرجنتين، نظرًا لبعض المهام التي تضطرني البقاء في روما. أشكرك لكل ما فعلته معي في هذه السنوات.

وكذلك اتصل بكاهن أرسل له كتابًا، وبكاهن رعية آخر في روما ليقول له: "أنا البابا فرنسيس سآتي الأحد المقبل إلى رعيتك للاحتفال معكم بالمناولة الأولى للأطفال.

هذا وأخبر الشاب عن تفاصيل المخابرة. رنّ الهاتف مرة ولكن لم يكن هناك من يجيب. ثم عند نحو الخامسة مساءً رنّ مرة أخرى. أجاب ستيفانو: "من هناك؟" – "أنا البابا فرنسيس، فلنستعمل صيغة ’الأنت‘".

شعر ستيفانو ببعض الخجل أمام مكالمة البابا، ولكنه عرف أنه الأب الأقدس عندما قال له: "هل تعتقد أن الرسل كانوا يقولون ليسوع ’حضرتك‘ أو ’صاحب السيادة‘؟ كانوا أصدقاءه، كما أنت وأنا الآن، وأنا عندما أتحدث إلى أصدقائي أخاطبهم بصيغة المخاطب المفرد!".

وبعد حوار فرح دام ثماني دقائق، منح البابا فرنيسي بركته للشاب.

ما حدث جعلني أفكر بأمر وأود أن أدعوكم إلى التأمل معي. إذا كانت مكالمة البابا تولد في الأشخاص عجبًا وفرحًا عظيمًا بهذا الشكل، فكم بالحري الرب، الذي لا ينفك يخاطبنا في صمت الصلاة، في صدى الكلمة وفي وقع الوقائع؟ وكم بالحري الرب في الافخارستيا، الذي لا يكلمنا فقط، بل يأتي إلينا، ولا يأتي إلينا فقط بل يضحي خبزنا، طعامنا، يتحد بنا؟