بعدها أشار الحبر الأعظم إلى ضرورة أن ننظر إلى تعليم المسيح هذا ضمن سياقه الملموس، والقديس لوقا البشير يخبرنا عن يسوع وهو يمشي مع تلاميذه باتجاه أورشليم، نحو فصح موته وقيامته من بين الأموات، وأوكل إليهم ـ خلال هذه المسيرة ـ ما يحمله في قلبه. وتحدث بنوع خاص عن أهمية أن نفصل ذواتنا عن الخيور الأرضية، وأن نضع ثقتنا بعناية الآب ونبقى يقظين مترقبين ملكوت الله. وكان يسوع ينتظر عودته إلى بيت الآب.
فيما يتعلق بنا نحن المؤمنين ـ تابع البابا يقول ـ إننا نترقب المسيح الذي سيأتي إلينا ليأخذنا إلى العيد اللامتناهي. إن هذا الإنجيل يؤكد لنا أن المسيحي يحمل في قلبه رغبة قوية وعميقة: ألا وهي الرغبة في لقاء الرب والأخوة، رفاق الدرب. وكل هذا يُترجم بعبارة يسوع الشهيرة “حيث يكون كنزكم يكون قلبكم” (لوقا 12،34).
دعونا نتساءل: أين كنزنا؟ ما هو بالنسبة لي أنا الواقع الأهم والأثمن، الواقع الذي يجتذب قلبي؟ أهو محبة الله؟ أهي الرغبة في صنع الخير تجاه الآخرين؟ العيش من أجل الرب والأخوة؟ كل شخص يجيب في قلبه. قد يجيبني البعض قائلين: أنا أعمل، لدي عائلة، وبالنسبة لي الواقع الأهم يكمن في إعالة الأسرة والعمل. هذا صحيح، قال البابا، لكن ما هي القوة التي تحافظ على لحمة العائلة؟ إنها محبة الله التي تعطي معنى للالتزامات اليومية الصغيرة وتساعدنا أيضا على مواجهة التجارب الكبرى. الكنز الحقيقي يكمن في السير قدما في الحياة مع المحبة، مع المحبة التي زرعها الرب في القلب، مع محبة الله. ومحبة الله هذه تجلت في يسوع المسيح، لأننا لا نستطيع أن نحب الهواء. إنها محبة تعطي القيمة والجمال لكل شيء آخر! كما تعطي معنى للأمور السلبية، لأنها تسمح لنا بتخطيها، كي لا نبقى أسرى بيد الشر، وتفتح أمامنا آفاق الرجاء. وأكد البابا أن خطايانا تجد أيضا معنى في محبة الله، لأن محبة الله في يسوع المسح تغفر لنا دوما، تحبنا وتسامحنا.
هذا ثم ذكّر البابا المؤمنين بأن الكنيسة اليوم تحتفل بعيد القديسة كيارا الأسيزيّة، التي سارت على خطى القديس فرنسيس وتركت كل شيء وتبعت المسيح من خلال الفقر. القديسة كيارا تقدم لنا شهادة جميلة لإنجيل اليوم: فلتساعنا، مع العذراء مريم على عيش هذا الإنجيل كل حسب دعوته.
في ختام صلاة التبشير الملائكي ذكر البابا الحاضرين بأن الكنيسة ستحتفل يوم الخميس المقبل بعيد انتقال السيدة العذراء ثم وجه تحية إلى مسلمي العالم كله الذين احتفلوا للتو بختام شهر رمضان المكرس بنوع خاص للصوم والصلاة وأعمال الصدقة. وقال: كما كتبتُ في رسالتي للمناسبة أتمنى أن يلتزم المسيحيون والمسلمون في تعزيز الاحترام المتبادل لاسيما من خلال تربية الأجيال الفتية. في الختام تمنى البابا للجميع أحدا سعيدا وغداء شهيا.