كوريا بلد شهد على حروب كثيرة منها الحرب الكورية والحرب الباردة وغيرها من تردّدات الصراع الدولي الذي كلّفها الكثير. في الواقع، تعتبر كوريا البلد الوحيد الذي تعرّف إلى الأنجلة من دون مساعدة المبشّرين. إنها الحالة الوحيدة في تاريخ الكنيسة التي تبيّن أنّ الإنسان بنفسه بحث عن الحياة الأبدية وعن مفهومها. كيف ذلك؟
بحث يومًا طلاّب عن فكرة جديدة تسمح لهم بتغيير المجتمع الكوري فانكبّوا على دراسة الأدب الغربي بدافع من الحشرية وما لبث أن تحوّل هذا الفضول إلى إيمان. وسرعان ما أذهلتهم قراءة الكتب حول العقيدة الدينية لله. في الوقت نفسه، أرسلت وفود كورية إلى بكين للقيام بتبادلات ثقافية تجارية فما كان من بعض الكوريين إلاّ أن جلبوا معهم في طريق العودة إلى كوريا كتاب الأب ماتيو ريتشي اليسوعي المُرسَل إلى بلاد الصين في القرن السادس عشر الذي تحدّث عن العقيدة الحقيقية لله. سارع لي بيوك الذي تأثّر في المبشّر اليسوعي إلى تأسيس الجماعة المسيحية الأولى في كوريا. بالطبع لم يكن من السهل ممارسة الدين المسيحي في بلد تحكمه الكنفوشوسية ويُمنع ممارسة أي دين آخر. إنما تابع النضال المسيحي وقامت مجموعة من الطلاّب بتكريس يوم للصوم والصلاة والتأمّل بقيادة لي بيوك الذي توفّي عن عمر الواحد والثلاثين بعد أن لاحقته الدولة ممضيًا قبل وفاته 15 يومًا من الصوم.
تلك كانت التقدمة الأولى التي قامت بها الكنيسة الكورية في العام 1785. ومع أواخر العام 1800، وصل المبشّرون الفرنسيون مكرّسين حياتهم للتبشير بكلمة الله على مثال المسيح الذي وهب حياته على الصليب فداءً للبشرية.
يشكّل اليوم التبشير في آسيا تحديًا كبيرًا أمام الكنيسة حيث يتواجد الملايين من الأشخاص الذين لم يسمعوا قط بيسوع المسيح في حين أنّ التاريخ في كوريا يعلّمنا كم أنّ “العطش نحو الله” هو بالحاجة الأساسية عند الإنسان.