الله هو سيد الغفران…

شهادة حياة الكمبودية كلير لي

Share this Entry

كلير لي هي أم لثلاثة أولاد إعتنقت الديانة المسيحية الكاثوليكية بعد أن كانت من الديانة البوذية بعد هروبها من مأساة مجزرة الخمير الحمر. لقد شهدت “لي” عندما كانت معلّمة للفلسفة موت عدد كبير من أقاربها على عهد ديكتاتورية بول بوت (1975-1979). ما إن وصلت إلى فرنسا، قادتها معاناة الجريمة المؤلمة إلى تحوّل جذري شخصي فقررت اعتناق الديانة المسيحية: “إنّ الحبّ هو الإجابة الوحيدة الممكنة للعذاب”.

في إطار مشاركتها في اجتماع “الصداقة بين الشعوب” في ريميني، تخبر كلير لي قصّتها لقرّاء زينيت. ننقل في ما يلي أبرز ما جاء في حديثها:

 “لقد خسرت كلّ شيء في كمبوديا، خسرت كلّ نقاط المرجعية، خسرت كلّ أصدقائي… وعندما نفقد نقاطنا المرجعية، لا نعود ندرك من نحن: أن نخسر هويتنا هو أمر صعب جدًا.

في بادىء الأمر، كنت أكفر كلّ يوم بإله الغربيين لأني اعتبرت أنّ الغرب هو من كان مسؤولاً عن المأساة التي عشتها. إنما في يوم من الأيام شعرت بأنّ الصمت الذي كنت أعيشه أفهمني للمرّة الأولى بأني لستُ الوحيدة التي تعاني الألم. ثمّ في العام 1980 وبينما كنت في فرنسا، بدأت أقرأ في الإنجيل واكتشفت أنّ يسوع المسيح كان فقيرًا مثلي وهذا شجّعني كثيرًا.

المرحلة الثالثة والنهائية كانت عندما اكتشفت سر الافخارستيا. وسمعت نداء الرب بينما كنت جاثية أمامه مسلّمة كلّ ضعفي له فقلت عندئذٍ: “نعم، أريد أن أكون من أتباع يسوع” وتعمّدت في العام 1983.

لم أكن أنا من اختار المسيحية بل إنه يسوع المسيح هو الذي دعاني. إنّ الشيء الوحيد الذي قمت به كان الإجابة إلى نداء يسوع المسيح. إنّ النقطة الأقوى في الديانة المسيحية هي أنّ الله قد أتى ليلتقي بنا. إنّ إيماننا مرتكز على تجسّد الله الذي أصبح إنسانًا: هذا ما يميّز الديانة المسيحية ولكنّ الكثير من المسيحيين قد نسوا هذا الواقع”. ثمّ صرّحت  كلير لي بأنه كان من الصعب جدًا أن تغفر لقاتلي زوجها وعائلتها: “لقد ذهبت مع ابنتي إلى المكان الذي فيه قُتل إخوتي وأبي وزوجي. لم تعرف ابنتي والدها: لقد كنت حاملاً في شهري الثاني عندما وقعت المأساة. لقد ذهبنا إلى هناك برفقة أصدقاء بوذيين لنا وإنما لم نستطع أن نرفض الذهاب إلى هناك. كيف لنا أن نرفض والمغفرة هي أساس الحياة المسيحية؟ لقد سلّمت هذا الأمر للرب يسوع وقلت لابنتي تذكّري يسوع على الصليب فقد طلب من الله الآب أن يغفر لهم لأنهم لا يدرون ما يفعلون ولم يقل: “أنا أغفر لهم”. ومن هنا سلّمت كلّ ضعفي وطلبت منه أن يساعدني على القيام بذلك”.

وختمت كلير لي بأنّ الله يرافقنا في كلّ تفاصيل حياتنا تمامًا كما فعل يسوع مع تلميذي عماوس لذا فالدعوة المسيحية تفرض بأن نكون رفقاء درب وألاّ نرغم الآخر لكي يؤمن مثلنا فهو بحاجة لأن يمشي الدرب مع يسوع من أجل بنيان نفسه من جديد.

Share this Entry

ألين كنعان إيليّا

ألين كنعان إيليا، مُترجمة ومديرة تحرير القسم العربي في وكالة زينيت. حائزة على شهادة تعليمية في الترجمة وعلى دبلوم دراسات عليا متخصّصة في الترجمة من الجامعة اللّبنانية. حائزة على شهادة الثقافة الدينية العُليا من معهد التثقيف الديني العالي. مُترجمة محلَّفة لدى المحاكم. تتقن اللّغة الإيطاليّة

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير