لبنان والشرق تحت نظر الفاتيكان

القسم الثاني

Share this Entry

2أهميّة الشخص حقيقة فوق كل إعتبار

 تصان الأوطان بإحترام الشخص، وتصان كرامة الشخص  بحماية الخير العام ومقتضيات العدالة والسلام  ضمن الكيان الوطني الواحد. هناك إذاً علاقة متبادلة، بين الشخص والوطن، لا يمكن أن تختزلها الأنظمة او الشرائع والقوانين. بمعنى آخر، لا يمكن القبول بإنتهاك كرامة أي شخص أو شعب أو أمة تحت أية قضيّة كانت، لأن الشخص  المخلوق على صورة الله ومثاله، هو بحدّ ذاته أهم من الوطن، والوطن المتماسك ينبع من إحترامه للشخص/العلاقة والأسرة معاً. من هذا المنطلق، يتحتّم على السلطات كافة أن تعي أهمية كرامة الشخص/العلاقة في دساتيرها وقوانينها وبرامجها. لأن صون حقوق الشخص – الأسرة، تنسحب إيجاباً وخيراً لــ”مفهوم الأرض والدولة والوطن والأمّة”. فالوطن الذي يصلح فيه العيش والتقدّم والسلام، سببه الرئيسيّ  عائلات تحيا وتربّي أبناءها على ثقافة السلام؛ والوطن الذي يستحيل فيه العيش، سببه المباشر إهمال الدولة للأسرة ولكرامة الشخص ولحقوقهما المشروعة؛ إنطلاقاً من هنا بإمكاننا بناء ثقافة أو حضارة السلام في لبنان والوطن العربيّ، التي تخلق  في المجتمعات كافة، ديناميكيّة حياة وتطور ونموّ وإزدهار للشخص والأسرة وحتى للدولة. إن المقوّمات الفلسفيّة والكتابيّة التي طرحها قداسته، تؤلّف معاً النسيج الأساسيّ لــ”حضارة لسلام” إذ تسهم بشكل فعليّ، في القضاء بشكل جذريّ على روح التفرقة، والإنعزال والتحريض الإيديولوجيّ/ المتستّر تحت عباءة الدين. ولكي تتحقّق رغبة السلام وجب إعداد الأجيال الآتيّة لتربية سلاميّة تحمل في بنيتها الأساسيّة ركائز  الشخص/العلاقة.  

3- الركائز الأساسيّة للشخص البشريّ

تنطلق الركائز الإنتروبولوجيّة[1] للشخص، من عدّة نقاط تندرج على الشكل التالي: 1) لا يمكن فصل كرامة الإنسان عن المبدأ الثابت لقدسيّة الحياة البشريّة، التي تعد حقيقة مقدّسة وهبة مجانيّة من الله الخالق؛ 2) ولا يمكن لمطلق أي سلطة السماح إنتهاك الحياة مهما كانت الأسباب والذرائع؛ 3) ثقافة السلام تبدأ أولاً وأخيراً بحماية الحياة. 4) كل شخص هو فريد ومميّز، ولا يمكن لأي سلطة أو فلسفة، أن تذيبه أو تضعه في نظرة جامدة. لأنّ فرادة الشخص هي كنز للمجتمع البشريّ بأكمله؛  5) العائلة هي المكان الأوّل للأنسنة، والمربّية الأولى على ثقافة السلام، لذا وجب على كافة السلطات أن تعير إنتباهاً واعياً لمكانة العائلة ولحقوقها المشروعة، والعمل على دعمها وتحصينها، وتنميتها وتطورها، لأن الخير يبدأ من العائلة؛ 6) بث وترويج ثقافة الحياة في كل مكان إزاء ثقافة الموت، وأن تكون لثقافة الحياة الهمّ الأوّلي لكل برنامج سياسيّ وإقتصاديّ؛ 7) تنبع كرامة الإنسان وعظمته، من الله الخالق وحده، ولا يمكن لأي أحد إنتقاص تلك الكرامة أو تحريفها أو نقضها؛ 8) الإعتراف بقدسيّة الحياة، مسؤوليّة ضميريّة ملقاة على الجميع. إن تلك النقاط  «تؤلّف معاُ إنتروبولوجيّة سليمة تشمل وحدّة الشخص، وتدعّم ثقافة السلام بدونها، لا يمكن بناءُ السّلام الحقيقيّ «[2].

[1] – تعني: علم الإنسان إّما في بعده المسيحيّ، أو بعده الثقافيّ- الحضاريّ.

[2] – راجع رسالة البابا بنديكتوس السادس عشر، الزّيارة الرّسوليِّة، إلى لبنان خطاب الأب الأقدس اللّقاء مع أعضاء الحكومة ومؤسَّسات الدّولة، والسلك الدّبلوماسيِّ، والمسؤولين الدّينيِّين وممثلي عالم الثّقافة، القصر الجمهوريّ – بعبدا؛ السّبت الموافق ١٥ أيلول/سبتمبر ٢٠١٢؛ الموقع www.vatican.vat

Share this Entry

الخوري جان بول الخوري

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير