كالعادة نُسأل نحنُ المسيحيّون دائمًا ، وقد يَسألُ أيضا البعضُ من مسيحيّينا ، الذين وإنْ كانوا مسيحيين ، لكنّهم يقفونَ ليسَ أمام معطيات الإيمان الحقيقيّ ( بهويّة واضحة ) بل خلفها ، على زاوية ضيّقة من الإيمان السليمْ ، فيأخذونَ " الفتات " فقط ! والباقي للكهنة والأساقفة . وهذا ، بالتأكيد ، أمرٌ لا صحّة لهُ إطلاقا .

والسؤال المطروح هو : كيفَ يمكنُ للإله أن يموتْ ، إلهٌ يعلّق على الصليبْ ، يُعذّب ، تُدقّ المسامير في يديه ورجليه ، ويتألّم ، ويستنجد الله ( إلهي لماذا تركتني ؟؟!) ، وفي النهاية : الموت ! .

أيُّ إلهٍ هذا الذي تؤمنونَ به : إله يموت ؟! .. ومن الجانب الآخر ، يُقال دائمًا : من ماتَ ، اللاهوت أمّ الناسوت ... الخ ، من هذه الأسئلة الكثيرة ، التي وإن كانت أسئلة منطقيّة ولها مصداقيّة لدى الطرف السائل ، إلا أنها إنْ وُضعتْ في سياق ومنطق الإنجيل الذي كُتبَ بعد قيامة المسيح ، سنُدرك أن هذه العقيدة : لاهوت وناسوت المسيح ... هي شرحٌُ وتفسيرٌ للنصوص الكتابيّة ، بطريقةٍ لاهوتيّة رسميّة عميقة . فالعقيدة ليست خياليّة ومن إختراع الأباء والباباوات ، ومن أمزجتهم ؛ بل هي أمرٌ معاشٌ ، وخبرة إيمانيّة ؛ وبالأكثر : لها دلالات خلاصيّة ، وضعت كقانون رسميّ إيمانيّ ، ماروائيّ ، نظريّ . فأسرة وعالم ومجتمع بلا قانون يصير فوضى عارمة ( وبالعاميّة : كلمن إيدو ألو ... )

هل شخص يسوع الناصريّ ، التاريخيّ ، الذي ولد من العذراء مريم ، هو إنسانٌُ أولا ، ثمّ بعد الولادةِ حلّ عليه الروح القدس ( الله الكلمة) ، بطريقةٍ قد تكونُ كاريكاتوريّة في نظر الكثيرين الذين لا يدركونَ ولا يفقهونَ ماهيّة الأمور على حقيقتها ! أم إنه كانَ موجودًا بجسده أزليّا ، ثمّ في بداية القرن الأوّل ، دخلَ في رحم مريم ، بقرار إلهيّ ، وولدَ منها : إلهًا وإنسانا !؟

بالنسبةِ للشقّ الثاني من السؤال المطروح ، نقول: إنه قضيّة مزعومة ، إنها هرطقة والنتينوس الذي قالَ : إنّ المسيحَ أتى بجسدهِ من السماء ، وإجتازَ بالعذراء كالماء في الميزاب . وهناكَ أيضا الذي زعمَ : أنّ المسيحَ لم يتّخذ من العذراء جسدًا حقيقيّا ، بل خياليّا ، وهذه هي الظاهريّة التي كانت تقول: بإنّ يسوع لم يكن له جسد حقيقيّ ، بل شبه جسد ، مظهر . والآريوسيّة التي أنكرت " الوهيّة المسيح . وهناكَ الأبوليناريّة التي أنكرت أنّ ليسوع " نفس بشريّة عاقلة " !.

أما بالنسبة للشق الأوّل من السؤال الذي طرح : فهو أيضا خاطئٌ ، فيسوعُ الناصريّ ، لم يأتِ إلى العالم ، ثمّ بعدها ، حلّ عليه " أقنوم الكلمة الأزليّة " في جسده ، ثمّ طغى اللاهوت على الناسوت كما يطغو البحر على حبّة أرز ! وبذلكَ ضاعَ الناسوت في اللاهوت ، وكأن الموضوع هو لعبة جرّ (شدّ) الحبل بين طرفين ، طرف الله وطرف الإنسان ، وبما أن الله هو أقوى ، فاللاهوت هو الغالبْ هنا ! .. وليس الموضوع أيضا ، وهذا ما يقعُ فيه الكثيرين ، أنّ تجسّد الله في الإنسان ، هو " حلوليّة " وتماهي وتمازج الله بالإنسان ، إلى درجة يفقد الله كينونته كإله ، والإنسان كينونته كإنسان ، ويفقدان الإستقلاليّة .

هذا الأمر ، لا أساسَ له من الصحّة والمصداقيّة ، وإنه وهمٌ جامحٌ يضعوننا فيه ، ويرشقوننا برشّاش الكلمات والإتهامات والإعتراضات ، للتشكيك فقط .. يجب أن تتوضّح الأمور أكثر ، لا بطريقةٍ حسابيّة رياضيّة كأنّ نحلّ مسألة علميّة ونضعها على مائدة البحث المختبريّ للبرهان عليها ، وإنتهت القضيّة .. لا بلْ هناكَ ما يجب أن يُقال ، في هذا الشأن. اللاهوت والناسوت في شخص يسوع الناصريّ ..

يتبع

القدس: كتابات على الجدران ضد المسيحيين!!

نجد على موقع « QUDS NET NEWS AGENCY » بتاريخ 10 كانون الثاني 2014 صورًا لكتابات على جدران كنيسة نوتردام باللغة العبرية وهي تقع بالقرب من الحي المسيحي في القدس المدينة القديمة. وبحسب الموقع ليست هذه المرة الأولى التي تتواجد فيها كتابات على الجدران تطالب “بطرد المسيحيين” في مكان يخص الكنيسة الكاثوليكية ناهيك عن المؤسسات المسيحية الأخرى.