تكونُ بذلك ، موضعَ نقاش ” العقيدة المُصلِحَة في ” حرية المسيحيّ ” . يستعملُ لوثر العبارة التالية المليئة بالمفارقة : ” الإنسان المسيحيّ هو إنسانٌ سيّد حرّ يسود على كلّ شيء ولا يخضعُ لأحد ” . الإنسان المسيحيّ هو إنسانٌ عبدٌ يُستَخدم لكلّ شيء ويخضعُ لكلّ واحد ” . يتكلّم إعلان أوغسبورغ سنة ( 1530 ) على ” الطاعة الجديدة ” ويقول : هذا النوعُ من الإيمان يجب أن يحمل ثمارًا صالحة (إعلان أوغسبورغ 6 ) . ” يتهموننا باطلا بأننا نرفضُ الأعمالَ الصالحةَ ” ( إعلان أوغسبورغ 20 ) . ومنذ زمن قريب يتكلّم المصلحونَ على نوعين ( والبعض منهم على ثلاثة أنواع ) من إستعمال الشريعة : الإستعمال المدنيّ أو السياسيّ لتنظيم الحياة الإجتماعيّة ، والإستعمال اللاهوتيّ كتعبير عن إرادة الله. في هذا المعنى الأخير ، تتطلب الشريعةُ كثيرًا من الإنسان ، فهي تُقنِعه بخطاياه وتردّه إلى الإنجيل . والإنجيل يحرّره من الشريعة ويجعلهُ يتمّم من الداخل إرادة الله .
لم يُعالج المجمع التردنتينيّ بصراحة عقيدة الحريّة المسيحيّة . ولكنّها تستندُ إلى ” تقليد كاثوليكيّ ” ثابتْ. وشريعة المسيح ، في المفهوم الكاثوليكيّ أيضا ، ليست مجموعة قوانين جديدة ، بل هي شريعة الروح ( رو 8 : 2 ) ، وعلى نحو ما شريعة الحريّة ( يع 1 : 25 ) ، التي تحملُ من الداخل على تتميم إرادة الله .
لقد أعطِيَت الشريعةُ لتُطلَب النعمة ؛ وأعطِيَتْ النعمة لتُتمّم الشريعة ( القديس أوغسطينوس ) . في هذا المعنى يدعو توما الأكوينيّ شريعةَ العهد الجديد ، شريعةَ الحريّة ، لإنها لا تُعطى من الخارج ، بل تقومُ في نعمة الروح القدس التي يحصل عليها الإنسان بالإيمان . الإختلاف مع موقف الإصلاح ليسَ إختلافا في العقيدة بقدر ما هو إختلاف في مفهوم ” كيفيّة العيش المسيحيّ في واقع الحياة ” ، وفي ” العلاقات الواقعيّة مع العالم ، وأخيرًا ” في طرق التعبير والتفكير ” . التعليم الكاثوليكيّ يُبرز بجلاء أكثر التطابق بين شريعة الروح القدس الباطنة والشريعة الخارجيّة . ومن ثمّ فالإرتباط بوصايا الله ، وبأنظمة الكنيسة ( ون على نحو آخر ) ، هو إرتباط أكثر واقعيّة . قد يحمل هذا الموقف في طيّاته خطر الشرعويّة، كما أنّ موقف الإصلاح من جهته قد يقود إلى فقدان الشريعة . كلا الموقفين يمكن أن يُصحّح أحدُهما الآخر .
يتبع