يجب أن ندرك أن الأناجيل ليست سيرًا ليسوع! قرأت مؤخرًا على تويتر شخصًا يتحدى المسيحيين فيقول: أتحداكم، قولوا لي متى ولد مسيحكم. أتريدون جوابي؟ – لا يهمنا، ولا يبدل شيئًا في إيماننا معرفة التاريخ المحدد لولادة المسيح. لا المسيحيون الأولون ولا نحن نحتاج لنعرف التاريخ المحدد بالساعة والدقيقة لميلاد المسيح. لو كان التاريخ مهمًا، لكان ذكره الأنجيليون! المهم أن المسيح جاء وبمجيئه كشف لنا وجه الآب الذي “هكذا أحب العالم حتى أنه أرسل ابنه الوحيد إلى العالم، لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية” (يو 3،16).
الحديث عن الساعة التي ولد فيها المسيح يأتي من الأناجيل المنحولة (التي نظرًا لتأريخها البعيد عن الحدث، لا تملك سلطانًا تأريخيًا!). نجد في إنجيل الطفولة ليعقوب المنحول تصريحًا بأن يسوع ولد عند نصف الليل. ولكن، أكرر، ليس لهذا الكلام أهمية تاريخية.
والآن فلنجب على السؤال: لم يحتفل المسيحيون في تواريخ مختلفة؟ المسألة تاريخية وطويلة، يمكننا اختزالها كما يلي:
الفرق يأتي من اختلاف التقويم المتبع: فالتقويم الغريغوري حدد الاحتفال بذكرى ميلاد المسيح بدل ذكرى عيد الشمس المنتصرة (Sol invictus) وتكريس الهيكل (كما قلنا في جواب سابق) أي في عشية 24 كانون الأول ونهار 25 كانون الأول. أما الكنائس الشرقية التي تتبع التقويم اليولياني فقد قررت الاحتفال عشية 6 كانون الثاني ونهار 7 كانون الثاني.
من المهم أن ندرك أن الاختلاف بتواريخ الاحتفال لا يشكل انقسامًا في الكنيسة. فللتواريخ أهميتها برمزيتها، وليس هناك انقسام عقائدي بين الكنائس بهذا الشأن.
كما ويجدر الذكر، لتوسيع الموضوع، أنه في القدم كان هناك تقليد لاهوتي يرى وحدة رمزية بين ثلاثة أسرار هي عبارة عن ظهور (أي دنح واعتلان للرب) وهذه الأسرار هي: “تكريم المجوس ليسوع الوليد، معمودية يسوع، وأعجوبة قانا الجليل. ما الذي يجمع بين هذه الثلاثة؟ اعتلان يسوع للأمم، لشعب إسرائيل وإظهار مجده لتلاميذه. ولكن هذا موضوع آخر…