اللاهوت والناسوت في شخص يسوع

القسم الثالث

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ليسَ سهلا أبدًا ، أن أقومَ بدراسة كاملة لعلم لاهوت المسيح ( الكرستيولوجيّا) ، فعلى من يرغبُ في معرفة ودراسة ” علم المسيح ” ، يبحثُ في الإنترنتْ ، أو من خلال الكتب المسيحيّة اللاهوتيّة السليمة. أنا هنا فقط في صدد ، تبسيط الموضوع ، لا دخول في تعقيدات القضيّة ، التي تكلّم بها اللاهوتيون من خلال النقد التاريخيّ ، واللاهوت المدرسيّ ، والقضايا الأخرى الكثيرة التي طُرِحَت في القرنين الرابع والخامس بخصوص سرّ المسيح ( الإله – الإنسان ) ، التي تحتاجُ لدراسة أكاديميّة طبعًا. هنا ، أنا سأعتمدُ فقط ، على المجمع الخلقيدونيّ ، الذي هو الوثيقة الرسميّة الصريحة للإيمان المسيحيّ ، بما يخصّ شخص يسوع المسيح ( لاهوته وناسوته ) . وعلى ما ذكرهُ مجمع أفسُس ( حول الخطابين التصاعديّ والتنازليّ ، وحول قضيّة نسطوريوس ، وقضيّة التعابير واللغة والمصطلحاتْ ) .

فلقد ركّز الأول دائمًا على التوازن بين الوحدة والتمييز ، وكذلك بين الألوهيّة والإنسانيّة . والثاني على الوحدة بين الألوهيّة والإنسانيّة في شخص يسوع . وهذا التوازن ضروريٌّ ، لكنه صعبٌ جدّا في التطبيق العمليّ والفهم الآن . لكنّي أيضًا ، سأعطي بعضا من المفاهيم حول علم المسيح ، وتلميحات ٍ لما يقالُ اليوم ، كما قيل سابقا عن مفهوم ” الشخص ” ، أو ” الطبيعة ” ، أو ” الأقنوم .. لكنْ بعيدًا عن التضاربات والمشاحنات التي حصلت بين المدرسة الأنطاكيّة والمدرسة الإسكندريّة . لا نقدرُ أن نقول ، إن الواحدَ منهما هو على حقّ والآخر على خطأ ، أو إنّ الإثنين على صواب ، والإثنين على خطأ ، لا بل كلٌّ منهما يحملان بصيصًا من حقيقة عميقة.

قبل كلّ أمر ٍ ، لابدّ لنا من معرفة ، أنّ الألوهيّة والإنسانيّة ( اللاهوت والناسوت ) في شخص يسوع المسيح ، ليستا كمّيتان في شخص ، مضافتانْ إليه ، وكأنّ القضيّة موضوعٌ تحتَ الاختبار العلميّ ، يمكنُ ( وهذا لا يقبلهُ المنطق ولا العقل ) ، أن نُجريَ عليهما شرحًا وتفسيرًا علميّا ، تاريخيّا ، نأخذهما كنقطة إنطلاق تاريخ يسوع من رحم العذراء مريم ، ونقولُ بإن هذا الشخص المولود من رحم مريم ( بحسب التاريخ الحصريّ المستندُ إلى الوثائق ) .. هو نظريّا إلهٌ وإنسانٌ أتى من فوق ، وكأننا هنا ، نضعُ التاريخ في جهةٍ مجهولةٍ ، وبهذا نُنكِرُ حقيقة تاريخ يسوع الناصريّ المولود في عهد بيلاطس البنطيّ . ونحنُ نعرفُ ؛ خصوصًا في النصوص التي تتكلّم عن ولادة يسوع ، والحبل البتوليّ ، التي هي ليستْ تحقيقات ٍ من موقع الحدث ، بسبب بسيط جدّا ، هو أنّ لا أحدَ كان موجودًا في لحظة ظهور الملاك لمريم وإخبارها ” الخبر المفرح بولادة يسوع من الروح القدس ” ، كما في حادثة ” تجارب يسوع ” ! مثلا … لهذا ، لا نقدرُ أن نقولَ بإنّ الحادثة َ هي تاريخيّة من موقع الحدث ، كتاريخ حصريّ بحتْ ، بل لها دلالات ٍ لاهوتيّة إيمانيّة ( يسمّيها الكاردينال جان دانيلو – مدراشيّة ) . لا يُنكَر الحدث الواقعيّ ، فالإيمان من دون تاريخ هو هباءٌ وتزييف ، والتاريخ من دون إيمان وكشفٌ إلهيٌّ ، يُمسي التاريخُ حالة تشبه ” مقبرة نظريّات ، ويصبح الإنسان شبيهٌ بالمسخْ ! ” .

يتبع

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير